"دير شبيجل": الحذر والتردد يدفعان الغرب للتراجع عن ضرب سوريا
ذكرت مجلة "دير شبيجل" الألمانية أن الحذر وتردد الغرب بشأن الأسلوب الأمثل للرد على استخدام الغازات السامة في الحرب الأهلية في سوريا، دفعت الدول الغربية إلى التراجع عن خطابات الحرب على سوريا.
وقالت المجلة إن عدم التيقن من جدوى الهجوم على سوريا سيطر في اليومين الماضيين على العديد من العواصم الغربية، فتراجع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن لغته العدائية إزاء دمشق، بينما فضلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل محاولة لعب دور الوسيط في الأزمة.
وقبل أسبوع تقريبا بدا الهجوم العسكري على سوريا من قبل التحالف الغربي وشيكا، غير أن مجموعة من الوقائع حدثت أمس جعلت الحذر والتردد السمة الغالبة على خطاب الحرب ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فقد تحدثت ميركل مع الرئيسين الفرنسي فرانسوا أولاند، والروسي فلاديمير بوتين، هاتفيا لبحث الوضع في سوريا، ثم أعقب ذلك بيان صدر عن مكتبها يلقي الضوء على التحدي الذي تمثله سوريا أمام ميركل قبيل الانتخابات العامة في ألمانيا، المقرر إجراؤها خلال أسابيع، أكثر من إلقاء الضوء على الدور الذي ينبغي لبرلين القيام به إزاء الأزمة السورية.
وجاء في البيان أن ميركل وأولاند اتفقا على ضرورة وجود رد فعل لاستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، معربين عن أملهما في أن تنتهي مهمة لجنة التحقيقات التابعة للأمم المتحدة في وقت سريع، وترفع تقاريرها إلى مجلس الأمن، بحيث يمكنه القيام بمسؤولياته تجاه مثل هذه الجريمة الفظيعة.
وطالبت ميركل الرئيس الروسي بأن يلجأ للتفاوض داخل أروقة مجلس الأمن لبحث الرد الأمثل على واقعة استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا.
وأوضحت "دير شبيجل" أنه رغم هذه المشاورات المكثفة التي شملت أيضا ما أعلنه البيت الأبيض من مشاورات هاتفية جرت أمس بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمستشارة الألمانية، وكذلك اتصال وزير الخارجية الألماني جويدو فيسترفيله بنظيره الصيني لبحث الوضع في سوريا، إلا أن الغرب على الأرجح سيبدو منعزلا عن المجتمع الدولي في اعتزامه توجيه ضربات لدمشق.
وأكدت المجلة أن أي قرار لمجلس الأمن بإدانة دمشق لاستخدامها السلاح الكيماوي سيكون هشا، ذلك أن روسيا أكدت مجددا خلال الأيام الماضية وبما لا يدع مجالا للشك، معارضتها لأي رد فعل عسكري إزاء سوريا، وتبعتها الصين بالإشارة الواضحة لرفضها إضفاء الصبغة الشرعية على ضرب سوريا، وهو ما يؤكد ما أشارت إليه بعض التقارير الإعلامية بأن مسودة القرار الذي تقدمت به لندن لمجلس الأمن للتدخل في سوريا، لن يتم التصويت عليه من الأساس.
وعلى الرغم من الإعلان الواضح لوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، بأن القوات المسلحة الفرنسية مستعدة تماما لأي تحرك عسكري ضد سوريا قد يعطي إشارة البدء فيه الرئيس الفرنسي، إلا أن أولاند الأكثر حماسا بين القادة الغربيين لضرب دمشق، بات منعزلا بعد تراجع الدول الأخرى، ما دفعه للتصريح أمس بأنه "ينبغي فعل كل شيء من أجل الوصول لحل سياسي"، مؤكدا أن الوصول لهذا الحل مرهون بقدرة المجتمع الدولي على وقف العنف المتصاعد في سوريا، الذي وصل لمرحلة استخدام الأسلحة الكيماوية.
وفي بريطانيا، وضع كاميرون العراقيل بنفسه في طريقه للحرب ضد سوريا، وذلك بعد أن انضم أعضاء حزبه بمجلس العموم إلى أعضاء حزب العمال، في مطالبتهم بالمزيد من الأدلة القاطعة حول تورط نظام الأسد في استخدام السلاح الكيماوي، الأمر الذي دفع كاميرون للتراجع عن خطاباته النارية حول توجيه ضربة لنظام الأسد.
وقالت المجلة إن كاميرون واجه جدلا واسعا في مجلس العموم أمس عند التصويت على توجيه ضربة عسكرية لسوريا. ورغم أن رئيس الوزراء البريطاني ليس في حاجة لموافقة المجلس على التحرك العسكري، غير أن ذكريات حرب العراق التي اندفعت إليها بريطانيا بتوجيه من الولايات المتحدة، لتقع في مستنقع القتال على مدى عقد كامل، لا تزال حاضرة بقوة في أذهان البريطانيين، وهو ما انعكس على استطلاع للرأي العام أشارت نتائجه إلى موافقة نحو 22% فقط من المواطنين على مشاركة بلادهم في ضرب سوريا، مقابل 51% أبدوا رفضهم لهذه الخطوة.
وأضافت "دير شبيجل" أن "كثرة الثرثرة" في بريطانيا حول ضرب سوريا نتجت عن تباطؤ أمريكا في استعدادها لهذا التحرك العسكري، فالرئيس الأمريكي رغم اقتناعه بأن النظام السوري هو الطرف المتورط في استخدام السلاح الكيماوي، إلا أنه أكد عدم اتخاذه لأي قرار في هذا الشأن، وعدم استقراره على أحد الخيارات التي طرحها قادة الجيش الأمريكي.
ورغم تصريحات أوباما الأربعاء الماضي بأن واشنطن بعثت بهذه التهديدات رسالة واضحة إلى دمشق لتتوقف عن تصعيد العنف على هذا النحو، إلا أنه من المؤكد أن أمريكا لن تقاتل في سوريا وحدها، وأنها ستعمد إلى تأجيج الجدال حول الحرب في لندن لمرافقتها في هذا التحرك.
وعلى المستويين الأوروبي والدولي، فإن العديد من الحكومات أعلنت موقفها بأن قرار المشاركة في الهجوم المحتمل على سوريا مرهون بنتائج فريق التحقيقات الأممي المتواجد حاليا في قلب الحدث، وهي النتائج التي قد تظهر قريبا بعد أن قرر فريق التحقيق مغادرة سوريا صباح الغد.
المصدر الوطن
تعليقات
إرسال تعليق