"عزازيل" يوسف زيدان تثير الجدل مرة أخرى.. خطأ تاريخي وجغرافي في الرواية بذكر "نجع حمادي" قبل وجودها
صدرت رواية "عزازيل" للكاتب والمحقق التاريخي الدكتور يوسف زيدان في عام 2008، وتم توزيع 20 ألف نسخة منها عقب صدورها، واستحقت الفوز بجائزة "البوكر" العربية، كما أثارت وقتها الكثير من الجدل، ولا تزال تثير.
وبالرغم من جمالية الرواية، التي اتفق عليها نقاد وقراء، وبالرغم من أن كاتبها هو أحد المهتمين بالمخطوطات، فإن ثمة "خطأ" تاريخيًّا وجغرافيًّا لاحظناه في الحقبة التاريخية التي تحدثت عنها الرواية، وهي حقبة "الانشقاق الكنسي" في القرن الخامس الميلادي، الذي يبدأ من عام 400 ميلادية.
في صفحة 17 من الرواية، يظهر ذلك الخطأ بوجود مسمى لقرية "نجع حمادي"، حيث إحدى المدارس التي تعلم بها البطل المعذب "هيبا". وفي الحقيقة، لم يكن لها وجود في تلك الحقبة التاريخية التي تتحدث عنها الرواية، فهيبا البطل لم يكن ليسمع أو يتعلم بـ"نجع حمادي"، لأنها ببساطة "لم تكن موجودة" آنذاك.
في تلك الصفحة، يتحدث "هيبا" عن القس نسطور، ويسرد تفاصيل لقاء جمعهما: "كنت قبلها قد أخبرته بمولدي في القرية التي بجنوب أسوان، وبدراستي في نجع حمادي وأخميم".
الدكتور إبراهيم الدسوقي، عميد كلية الآداب بجامعة جنوب الوادي بقنا يؤكد لـ"بوابة الأهرام" أن أغلب أسماء المدن في محافظات الصعيد هي يونانية ورومانية، لافتاً أن مسمى مدينة نجع حمادي هو اسم عربي، وتم ذكرها فقط في العصر العثماني باسمها المعروف حاليا.
ويوضح الدسوقي أنه لم يكن هناك مسمى لنجع حمادي في حقبة العصر الروماني ودخول المسيحية مصر، ولم يكن اسمها مشاعا لكونها هضبة فقط وجبالا قبل عصر الانشقاق الكنسي أو حتى بعده بمئات السنين.
ويضيف الدسوقي أستاذ الجغرافيا وصاحب دراسة "حركة الرهبنة القبطية في القرن الثالث الميلادي وآثارها الجغرافية" أن باخوميوس مؤسس الشراكة في بناء الأديرة أنشأ أول دير للأقباط اليعاقبة عام 318م في قرية "بدفانيس"، وهي التي يطلق عليها حاليا مسمى "الدبة" بمنطقة قرية القصر والصياد، وكانت تغطي منطقتين في ذلك الوقت.
والمنطقتان هما فاو قبلي التابعة لمركز دشنا حالياً شمال قنا، و"وسيبوا وشنست" الكائنة حاليا في قرية القصر والصياد على الوادي الشرقي من نهر النيل.
ويضيف أستاذ الجغرافيا أن قرية القصر والصياد كانت مقابلة للهضبة والجبال التي وجدت بها مركز نجع حمادي حاليا منذ إنشائها في العصر العثماني، وهي التي تم العثور بها على مخطوطات نجع حمادي القبطية عام 1945م بعد انفصال قرية القصر والصياد عن مركز دشنا إداريا وانضمامها لمركز نجع حمادي في أربعينيات القرن الماضي.
والقديس الأنبا باخوميوس ولد حوالى سنة 292 ميلادية في إقليم طيبة (الأقصر) من عائله وثنية لا تعرف الإيمان بالمسيح، ودعاه أبوه باسم (بخوم) وهى كلمة يونانية تعنى نسر، وخدم بالجيش الروماني ودخل المسيحية بعد أن شاهد سخاء وكرم أهالي مدينة إسنا الذين قاموا بإكرام جيشه وأسس نظام الشراكة في بناء الأديرة وهو النظام الذي شهد حركة ثقافية وتعليمية وعمرانية ومات بمرض الطاعون بأحد الأديرة التي أنشأها وقيل بدير فاو قبلي بدشنا بسبب قيام الأديرة بمعالجة المرضى واختلاطهم بالمرض.
أما الدكتور محمد عبد الشافي أستاذ التاريخ البيزنطي بكلية الآداب بجامعة جنوب الوادي فيوضح لـ"بوابة الأهرام" أن مسمى نجع حمادي لم يكن شائعاً وموجوداً في هذه الحقبة التاريخية القديمة في عصر الانشقاق الكنسي وما قبله.
ويضيف أنها مدينة حديث تم إنشاؤها في العصر العثماني وهي من المراكز التي لا تحوي مدارس قبطية في عصر دخول المسيحية مصر، لافتاً أن الاسم عربي وليس من المدن التي يشتق اسمها من اللغات البيزنطية أو الرومانية ولم يكن لها وجود في النصوص القديمة بمعناها الحالي المعروفة به وهي "نجع حمادي".
ويوضح الدكتور عبدالشافي أن جامعات العصور الوسطي في أوروبا أنشئت علي نسق المعمار الذي اتخذه الراهب باخوم في إنشائه للأديرة التي كانت توجد في كل من قرية دندرة بقنا وأسنا بالأقصر وأخميم بسوهاج وفاو قبلي بدشنا.
ويضيف أن هذه الأماكن التي تم تأسيس الأدية الباخومية بها زارها الكثير من الأجانب والأوربيين والرهبان وذكروها في كتبهم القديمة بأسمائها اليونانية والرومانية، مؤكداً أنه لم يوجد نص قديم ذكر مركز نجع حمادي بأنه أحد المنارات العلمية في التاريخ القبطي.
ولربما أراد زيدان في روايته إحداث إسقاط للمكان؟! هذا مايتساءل عنه الدكتور محمد عبدالشافي، مشيراً إلى أنه من المؤكد جغرافياً وتاريخياً أن مسمى نجع حمادي حديث، وليس قديما، وأنه بنجع حمادي تم وضع قرى قديمة بعد توسعتها وامتدادها العمراني مثل قرى القصر والصياد التي كانت تضم أحد أديرة الراهب باخوم في أربعينيات القرن الماضي بعد ظهورها بقرون في حقبة الحكم العثماني لمصر.
وقد ساعدت الرهبنة على امتداد وتوسعة حركة العمران في كل المدن المصرية، هذا ما يؤكده د.عبدالشافي أستاذ التاريخ البيزنطي، مشيراً إلى أن اكتشاف مخطوطات قبطية في جبل الطارف بقرية القصر والصياد هي التي جعلت المخطوطات تذكر باسم مخطوطات نجع حمادي بعد انضمام القرية لنجع حمادي في أربعينيات القرن الماضي، مؤكدًا أن الجبال والصحارى المصرية حوت مخطوطات قبطية أخرى أقل شهرة من مخطوطات جبل الطارف المعروفة بمخطوطات نجع حمادي بسبب قربها من مدارس الرهبنة والأديرة القديمة.
ويضيف د.الدسوقي أن حركة الرهبنة التي أنشئت في مصر وتم تصديرها للعالم مرت بمراحل، لافتًا أن فكرة الشراكة في بناء الأديرة التي أسسها باخوميوس جعلت له 11 ديرًا، حيث كان الدير منتجا ويقوم بأنشطة أخرى بالإضافة للعبادة، مؤكدا أن كل الأديرة التي أنشاها باخوميوس لم يكن بها مسمى لنجع حمادي.
المصدر بوابة الاهرام
وبالرغم من جمالية الرواية، التي اتفق عليها نقاد وقراء، وبالرغم من أن كاتبها هو أحد المهتمين بالمخطوطات، فإن ثمة "خطأ" تاريخيًّا وجغرافيًّا لاحظناه في الحقبة التاريخية التي تحدثت عنها الرواية، وهي حقبة "الانشقاق الكنسي" في القرن الخامس الميلادي، الذي يبدأ من عام 400 ميلادية.
في صفحة 17 من الرواية، يظهر ذلك الخطأ بوجود مسمى لقرية "نجع حمادي"، حيث إحدى المدارس التي تعلم بها البطل المعذب "هيبا". وفي الحقيقة، لم يكن لها وجود في تلك الحقبة التاريخية التي تتحدث عنها الرواية، فهيبا البطل لم يكن ليسمع أو يتعلم بـ"نجع حمادي"، لأنها ببساطة "لم تكن موجودة" آنذاك.
في تلك الصفحة، يتحدث "هيبا" عن القس نسطور، ويسرد تفاصيل لقاء جمعهما: "كنت قبلها قد أخبرته بمولدي في القرية التي بجنوب أسوان، وبدراستي في نجع حمادي وأخميم".
الدكتور إبراهيم الدسوقي، عميد كلية الآداب بجامعة جنوب الوادي بقنا يؤكد لـ"بوابة الأهرام" أن أغلب أسماء المدن في محافظات الصعيد هي يونانية ورومانية، لافتاً أن مسمى مدينة نجع حمادي هو اسم عربي، وتم ذكرها فقط في العصر العثماني باسمها المعروف حاليا.
ويوضح الدسوقي أنه لم يكن هناك مسمى لنجع حمادي في حقبة العصر الروماني ودخول المسيحية مصر، ولم يكن اسمها مشاعا لكونها هضبة فقط وجبالا قبل عصر الانشقاق الكنسي أو حتى بعده بمئات السنين.
ويضيف الدسوقي أستاذ الجغرافيا وصاحب دراسة "حركة الرهبنة القبطية في القرن الثالث الميلادي وآثارها الجغرافية" أن باخوميوس مؤسس الشراكة في بناء الأديرة أنشأ أول دير للأقباط اليعاقبة عام 318م في قرية "بدفانيس"، وهي التي يطلق عليها حاليا مسمى "الدبة" بمنطقة قرية القصر والصياد، وكانت تغطي منطقتين في ذلك الوقت.
والمنطقتان هما فاو قبلي التابعة لمركز دشنا حالياً شمال قنا، و"وسيبوا وشنست" الكائنة حاليا في قرية القصر والصياد على الوادي الشرقي من نهر النيل.
ويضيف أستاذ الجغرافيا أن قرية القصر والصياد كانت مقابلة للهضبة والجبال التي وجدت بها مركز نجع حمادي حاليا منذ إنشائها في العصر العثماني، وهي التي تم العثور بها على مخطوطات نجع حمادي القبطية عام 1945م بعد انفصال قرية القصر والصياد عن مركز دشنا إداريا وانضمامها لمركز نجع حمادي في أربعينيات القرن الماضي.
والقديس الأنبا باخوميوس ولد حوالى سنة 292 ميلادية في إقليم طيبة (الأقصر) من عائله وثنية لا تعرف الإيمان بالمسيح، ودعاه أبوه باسم (بخوم) وهى كلمة يونانية تعنى نسر، وخدم بالجيش الروماني ودخل المسيحية بعد أن شاهد سخاء وكرم أهالي مدينة إسنا الذين قاموا بإكرام جيشه وأسس نظام الشراكة في بناء الأديرة وهو النظام الذي شهد حركة ثقافية وتعليمية وعمرانية ومات بمرض الطاعون بأحد الأديرة التي أنشأها وقيل بدير فاو قبلي بدشنا بسبب قيام الأديرة بمعالجة المرضى واختلاطهم بالمرض.
أما الدكتور محمد عبد الشافي أستاذ التاريخ البيزنطي بكلية الآداب بجامعة جنوب الوادي فيوضح لـ"بوابة الأهرام" أن مسمى نجع حمادي لم يكن شائعاً وموجوداً في هذه الحقبة التاريخية القديمة في عصر الانشقاق الكنسي وما قبله.
ويضيف أنها مدينة حديث تم إنشاؤها في العصر العثماني وهي من المراكز التي لا تحوي مدارس قبطية في عصر دخول المسيحية مصر، لافتاً أن الاسم عربي وليس من المدن التي يشتق اسمها من اللغات البيزنطية أو الرومانية ولم يكن لها وجود في النصوص القديمة بمعناها الحالي المعروفة به وهي "نجع حمادي".
ويوضح الدكتور عبدالشافي أن جامعات العصور الوسطي في أوروبا أنشئت علي نسق المعمار الذي اتخذه الراهب باخوم في إنشائه للأديرة التي كانت توجد في كل من قرية دندرة بقنا وأسنا بالأقصر وأخميم بسوهاج وفاو قبلي بدشنا.
ويضيف أن هذه الأماكن التي تم تأسيس الأدية الباخومية بها زارها الكثير من الأجانب والأوربيين والرهبان وذكروها في كتبهم القديمة بأسمائها اليونانية والرومانية، مؤكداً أنه لم يوجد نص قديم ذكر مركز نجع حمادي بأنه أحد المنارات العلمية في التاريخ القبطي.
ولربما أراد زيدان في روايته إحداث إسقاط للمكان؟! هذا مايتساءل عنه الدكتور محمد عبدالشافي، مشيراً إلى أنه من المؤكد جغرافياً وتاريخياً أن مسمى نجع حمادي حديث، وليس قديما، وأنه بنجع حمادي تم وضع قرى قديمة بعد توسعتها وامتدادها العمراني مثل قرى القصر والصياد التي كانت تضم أحد أديرة الراهب باخوم في أربعينيات القرن الماضي بعد ظهورها بقرون في حقبة الحكم العثماني لمصر.
وقد ساعدت الرهبنة على امتداد وتوسعة حركة العمران في كل المدن المصرية، هذا ما يؤكده د.عبدالشافي أستاذ التاريخ البيزنطي، مشيراً إلى أن اكتشاف مخطوطات قبطية في جبل الطارف بقرية القصر والصياد هي التي جعلت المخطوطات تذكر باسم مخطوطات نجع حمادي بعد انضمام القرية لنجع حمادي في أربعينيات القرن الماضي، مؤكدًا أن الجبال والصحارى المصرية حوت مخطوطات قبطية أخرى أقل شهرة من مخطوطات جبل الطارف المعروفة بمخطوطات نجع حمادي بسبب قربها من مدارس الرهبنة والأديرة القديمة.
ويضيف د.الدسوقي أن حركة الرهبنة التي أنشئت في مصر وتم تصديرها للعالم مرت بمراحل، لافتًا أن فكرة الشراكة في بناء الأديرة التي أسسها باخوميوس جعلت له 11 ديرًا، حيث كان الدير منتجا ويقوم بأنشطة أخرى بالإضافة للعبادة، مؤكدا أن كل الأديرة التي أنشاها باخوميوس لم يكن بها مسمى لنجع حمادي.
المصدر بوابة الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق