العنف والتخريب.. سمة السينما الأمريكية.. بين عامين
شهد عام 2014 عرض الكثير من الأفلام الأمريكية فى مصر ، ولاقى غالبيتها إقبالا جماهيريا مثل فيلمى «ذئب وول ستريت» ، «ألعاب الجوع»، فى حين أتسم البعض الآخر بضعف الحضور الجماهيرى مثل فيلم «التطهير .. الفوضى» ؛
لكن رغم هذا التأرجح يبقى الفيلم الأمريكى هو المسيطر على سوق توزيع الفيلم الأجنبى فى مصر ، وصاحب النسبة الأعلى فى المشاهدة لدى المتلقى المصرى ، وما أكد هذا الوضع محاولة نشر الفيلم الهندى فى دور العرض خلال العام المنصرم لكنها لم تلق الإقبال القوى من الجمهور .
وتحدد الدعاية المصاحبة لنزول الفيلم بدور العرض مدى الإقبال الجماهيرى والفئة المستهدفة للمشاهدة ، فهذه العملية التسويقية تتم بدراسة متقنة.. فإذا نظرنا إلى فيلمى«ألعاب الجوع» الذى عرض فى نهاية عام 2013 واستمر حتى يناير 2014 و«ذئب وول ستريت» الذى عرض فى فبراير 2014 ؛ نجد أنهما استهدفا فئة كبيرة من جمهورالطبقة المتوسطة خاصة الشباب منها، وركزا على رسائل تحفز هؤلاء الشباب للقيام بحراك اجتماعى يهدف للتغيير الذى يخدم المصالح الأمريكية والغرب .
فالفيلم الأول «ألعاب الجوع» يحرض الشباب المسمى الثورى أو المتعاطف مع الكيانات الثورية، التى ينتمى غالبيتها للطبقة المتوسطة راعية الثقافة والقيم ، على محاولة التمسك بسلطة الدين وعدم الاستسلام أمام السلطة الحاكمة التى جاءت بعد «الحكومة»التى ترفع سعار الاسلام السياسى التى من وجهة نظر الفيلم الامريكى : تمثل الخلاص والمحافظة على القيم والاسس الصحيحة للانسان، وتزيد الإدارة الأمريكية شعلة الحماس الثورى التخريبى لدى هؤلاء الشبان بإرسال رسالة مفادها أن الدولة مهما تكن قوتها العسكرية والأمنية ستتمكنون من هزيمتها ولو كانت تحتفل بالعيد السبعين لها، وتكمل الرسالة بانه عليكم أيها الثوار معرفة نقطة ضعف النظام الحالى وهى موجودة فى رأسه.. لمحاولة أن تجد هذه الرسالة طريقها لشباب ذوى انتماءات لكيانات سياسية أو جماعات دينية مختلفة فى الذكرى القادمة للاحتفال بثورة يناير2011.
أما الفيلم الثانى «ذئب وول ستريت» فتمثلت رسالته فى كيفية سيطرة عائلة روتشيلد على الاقتصاد العالمى وهى احدى العائلات الخمس المسيطرة على هذا النشاط والمحددة لسياسة أمريكا الاقتصادية، والساعية لحكومة العالم الموحد، و على سوق البورصة الأمريكية والعالمية. عن طريق إيهام العميل بأنه ثرى لكن فى حقيقة الأمر هو لا يملك المال بل السمسار هو من يملك المال وتزيد ثروته بالمضاربة بأموال العملاء الساعين للثراء عن طريقه .. ليقول لنا صناع الفيلم إن الوهم هو اساس نجاح السمسار، وليبعث صناعه برسالة أخرى تؤكد أن العائلات ذات الأصول اليهودية والمسيطرة على العالم هى من تملك قواعد الاقتصاد العالمى، وهى صانعة هذه القواعد، ليكون التهديد فى الرسالة بأن من يحاول الخروج عن قواعدنا سيكون مصيره الخسارة مهما كسب .
ولعل هذا العمل ظهر على شاشات السينما فى وقت توقع فيه الكثير من المحللين السياسيين والاقتصاديين الأمريكيين والغربيين أن مصر ستتوجه ناحية روسيا والصين بعد كشف الدور الأمريكى فى دعم تنظيم الاخوان المسلمين ماديا، معنويا، سياسيا ..لكن القيادة المصرية ردت أنذاك على هذه الرسالة بتصريح واضح وصريح فى معناه بأن مصر لديها علاقات بكل الدول وتعاونها مع كل الدول وليس دولة بعينها، والمصالح هى من تحدد حجم العلاقات والتعاون فكان رد الإدارة الأمريكية بإرسال وفود للقيادة المصرية لتبحث أطر التعاون التى تريدها مصر.
لم يبتعد الفيلم الأخير «التطهير .. الفوضى» الذى عرض فى سبتمبر الماضى عن الأول فى رسالته التحريضية، وإن كانت دعايته تكاد تكون معدومة لأنه يستهدف جمهورا معينا تمثل فى قيادات الشباب المنتمى لتجمعات تشجيع كرة القدم ، وقيادات الشباب الثورى المؤمن بالمبادئ الاشتراكية، وهم بالفعل من تواجدوا فى قاعات العرض إلى جانب حضور بعض الشباب ذوى المرتبة الأقل فى الترتيب القيادى، ليتلقوا رسالة مباشرة وصريحة بضرورة نشر الفوضى بالعنف مستخدمين القتل وجعل حياة المواطنين ليلا وترهيبهم داخل بيوتهم التى من الممكن أقتحامها وقتلهم وإستباحة حرمة البيوت، بهدف التخلص من سياسة النظام واسقاطه ودحر الموالين له والمتمثلين فى الطبقتين المتوسطة والفقيرة. الطبقتين الراغبتين فى عيش حياة تتسم بالحد الأدنى من الكرامة والكفاف. وأكد الفيلم أن التطهير هدفه ايجاد نظام جديد يرى فيه الشعب الشمس، وهو لن يأتى ألا بالفوضى التى رمز لها بالليل وسواده الحالك، فهى مرحلة يجب أن تمر بها الشعوب لترى شمس يوم جديد يتسم بالوضوح .. وربما التأثر بالفيلم أدى الى الدعوات المنادية بالنزول يوم 28 نوفمبر الماضى ، وما صاحبها من تهديدات وكشفت مخططات من أرادوا النزول.
لم تختلف رؤية الأدارة الأمريكية مع بدايات 2015 فى استخدامها لسلاح السينما كقوى ناعمة لتحقيق هدفها فى زعزعة أمن وإستقرار دول المنطقة خاصة مصر، لتشهد نهايات 2014 وبدايات 2015 عرض الجزء الثالث من فيلم «ألعاب الجوع» الذى يحرض المتمردين على التقدم وتثبيت أقدامهم بأنهم رموز ثورية ، كذلك فيلم «الجيوش الخامسة». أما ما يلفت الأنتباه فى أفلام موسم الكريسماس ورأس السنة فيلم «الهرم»، وملخصه أن البعثة الاستكشافية التى جاءت لمصر لمعرفة أسرار الهرم المفقود واجهت كائنا غريبا وكأنه الحارس على سر الهرم الذى رفض إطلاع البعثة عليه لتؤكد الإدارة الأمريكية من خلال القوى الناعمة أن احتفالها بالكريسماس والعام الجديد له طريقته الخاصة .
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق