تقرير دولى : الإخوان أصل الإرهاب

أصدر مكتب القانون الجنائى الدولى فى لندن تقريراً عن تاريخ جماعة «الإخوان» وعلاقتها بالجماعات الإرهابية من القاعدة وداعش إلى أنصار بيت المقدس وبوكو حرام.


 واستعرض التقرير - الذى يقع فى 150 صفحة - تاريخ الجماعة منذ تأسيسها فى عشرينيات القرن الماضى فى مصر و»التنظيم السري» المسلح الذى كان الذراع العسكرى للجماعة والملهم لكل التنظيمات والجماعات الإرهابية حتى الآن. واستند التقرير إلى مصادر علنية رسمية وأكاديمية موثقة، مركزاً على أهم الشخصيات فى تاريخ الجماعة ومنها سيد قطب، الذى ساهم أخوه محمد قطب فى التحاق عبد الله عزام(الفلسطينى المعروف بأبى المجاهدين العرب فى أفغانستان ومعلم اسامة بن لادن)بجامعة فى السعودية كان محمد يعمل بها. ويرصد التقرير شبكة العلاقات التى تربط تنظيمات التكفير والإرهاب بالجماعة الأم: الإخوان، وكيف أن المسألة تتجاوز التوافق الأيديولوجى لتمتد إلى المساعدة العملية المستمرة حتى الآن. كذلك علاقة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى بالإخوان عبر تأثره بخاله محفوظ عزام محامى الإخوان وأحد قياداتهم. أما بوكو حرام، فمؤسسها محمد يوسف كان عضوا بجماعة إخوان نيجيريا ثم الحركة الإسلامية النيجيرية. وجماعة الشباب الصومالية، كانت فى البداية الذراع العسكرى لاتحاد المحاكم  وأمينه العام أحمد عبدى جودانى مؤسس تنظيم الشباب الذى بدأ مع إخوان الصومال. ويعدد التقرير أمثلة كثيرة موثقة عن علاقة قادة تنظيم الدولة فى العراق وسوريا وجماعة الشباب فى الصومال بتنظيم الإخوان وأفرعه. -- حسن البنا: التأسيس والعنف يشير التقرير الدولى إلى أن مؤسس «الإخوان» حسن البنا تبنى استراتيجية نمو قائمة على براجماتية واضحة عبر تغيير الخطاب الأيديولوجى للجماعة ومواقفها السياسية خلال فترة التأسيس (1928 -1948) وهى التحولات التى هدفت بالأساس لكسب أكبر عدد من الأنصار والذى بلغ فى نهاية الأربعينيات إلى نحو مليونى شخص، وهى الاستراتيجية التى تضمنت تبنى خطابا اجتماعيا غير واضح والعمل مع النظام الحاكم، وفى نفس الوقت تأسيس منظمة مسلحة هدفها إسقاط هذا النظام باستخدام العنف. ويوضح التقرير أن أهداف «الإخوان» التى وضعها حسن البنا ظلت هى نفسها عبر أكثر من 8 عقود وظل الخطاب هو نفسه دون أى تغيير وهو الخطاب الذى تضمن تحريضاً واضحاً على العنف. ويستدل التقرير بكلمات لحسن البنا يجعل فيها الإسلام حكراً على الجماعة ومنها أنتم روح جديدة تسرى فى قلب هذه الامة فيحييه بالقرآن ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله وصوت داوٍ يعلو مردداً دعوة رسول الله صلى الله عليه و سلم». وبجانب احتكار الإسلام، فإن البنا دفع نحو تشكيل رؤية شمولية تجعل الإخوان هى الجماعة الوحيدة القادرة على الإصلاح ويصفها فى إحدى رسائله موجهاً كلامه لأتباعه : «وتستطيع أن تقول ولا حرج عليك ان دعوة الإخوان المسلمين دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية وهيئة سياسية وجماعة رياضية ورابطة علمية ثقافية وشركة اقتصادية». وبهذا تتحول الجماعة إلى كل ما هو فى المجتمع وليس فصيلا ضمن فصائله السياسية أو جزءا من المجتمع بل هى»المجتمع«. وفى ظل احتكار الإخوان للإسلام وتحولها إلى كيان شمولى فإن لغة العنف لا تعد منفصلة عن السياق وتدريب الشباب فى منظمات شبه مسلحة تحت إشرافه وصولاً إلى التنظيم الخاص. ويستعرض التقرير عبر أكثر من 10 صفحات عمليات الإخوان الإرهابية خلال الأربعينيات باغتيال أحمد الخازندار وقتل حكمدار القاهرة واغتيال رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى وحرق المحال التى يملكها اليهود وغيرها من العمليات المسلحة التى قام بها «التنظيم الخاص». ويتعرض التقرير فى جزء تال للهيكل التنظيمى لجماعة الإخوان التى تقوم على الشكل الهرمى على رأسه المرشد العام وتحته مكتب الإرشاد ومجلس الشوري، وهو الهيكل الذى يقام على مبدأ المركزية وقوة الشخص متمثلاً فى المرشد العام فى التحكم بكل الأمور وعدم انخراط أى أعضاء بالجماعة فى عملية اتخاذ القرار التى ينفرد بها مكتب الإرشاد الذى يهيمن عليه منذ عقود التيار القطبى الذى تبنى مواقف متشددة التى تعود لسيد قطب. -- النظام الخاص : العنف طريق الإخوان ويفرد التقرير جزءاً خاصاً عن النظام الخاص للإخوان. وهو الجهاز الذى يعهد إليه بالعمليات الإرهابية وهو الجناح الذى كان مسئولاً عن الاغتيالات بقيادة عبد الرحمن السندى ومع تصاعد عمليات الاغتيال فى نهاية الأربعينيات سعى البنا للتنصل من العنف عبر رسالته ليسوا اخواناً وليسوا مسلمين ولكنه فشل فى استعادة السيطرة على النظام الخاص حتى اغتياله فى 1949 ودخول الجماعة فى أزمة عنيفة ودخول أغلب قادة النظام الخاص السجن، ولكن هذا التنظيم الإرهابى استمر فى الوجود وعاد بوجهه فى محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر عام 1956 ليواجه ضربة جديدة قبل أن يعيد بناء نفسه فى السجون خلال الستينيات لتأتى مرحلة السبعينيات التى شهدت خروج الإخوان من السجن وانتعاش الحركة فى الجامعات المصرية وانضمام المئات من الطلاب للجماعة. ويوضح التقرير أن تأثير«النظام الخاص» واضح على الجماعات الإرهابية العالمية وفى مقدمتها «القاعدة»وخاصة مع تراجع الجناح الإصلاحى بالجماعة عقب وفاة المرشد عمر التلمسانى واستعادة القطبيين السيطرة على الجماعة وفى مقدمتهم مصطفى مشهور وكمال السنانيرى وأحمد الملط ومهدى عاكف. ويشير التقرير إلى أن خطاب العنف ظل متأصلاً فى عقيدة الجماعة واتباعها وهو ما ظهر فى شهادة محمد الغزالى فى قضية اغتيال فرج فودة. ويوضح التقرير أن كل قادة الإخوان اليوم هم من قادة النظام الخاص وفى مقدمتهم محمد بديع وخيرت الشاطر ومحمود عزت ومحمود غزلان. -- علاقة الإخوان بالتنظيمات الإرهابية ويوضح التقرير علاقة الإخوان بالتنظيمات الإرهابية فى العالم ومنها «القاعدة» وميليشيات «عز الدين القسام» و»داعش» و»بوكو حرام». فبالنسبة لتنظيم القاعدة، يشير التقرير إلى أن التنظيم تأسس على يد عدد من القيادات التى كانت لها ارتباطات مباشرة مع الإخوان وفى مقدمتها عبد الله عزام وهو قيادى فلسطينى لقب بأبى الجهاد الحديث وهو كان عضواً فى جماعة الإخوان بالأردن منذ منتصف الخمسينيات واتصل بالمجموعات المرتبطة بسيد قطب خلال دراسته بجامعة الأزهر فى الستينيات. وخلال عمل عبد الله عزام بالسعودية اتصل بمحمد قطب شقيق سيد قطب وهناك تعرف أيضاً بأسامة بن لادن قبل أن ينتقل إلى أفغانستان للمساعدة فى بناء المجموعات الجهادية التى كانت لبنة تنظيم القاعدة. وبجانب عبد الله عزام، هناك أيضاً أيمن الظواهرى زعيم «القاعدة» الحالي. وكان أيمن الظواهرى قد انضم للإخوان فى شبابه تحت تأثير عمه محفوظ عزام والذى كان يرتبط بالمجموعات القطبية داخل الجماعة. ويشير التقرير إلى أن الظواهرى أسس أول خلية للعنف عقب اعدام سيد قطب فى 1966 ومشاركته فى اغتيال الرئيس أنور السادات وسفره للانضمام للتنظيمات الجهادية فى أفغانستان عقب الإفراج عنه. ويوضح التقرير أن عناصر مثل خالد شيخ محمد المتهم فى التورط بهجوم 11 سبتمبر كان عضواً فى جماعة الإخوان وكذلك محمد عطا الذى شارك فى نفس الهجمات. وبجانب القاعدة، فإن عناصر«الإخوان» لعبت أدواراً رئيسية فى تأسيس ودعم تنظيمات إرهابية أخرى مثل «داعش»و»بوكو حرام، حيث يشير التقرير إلى أن مؤسس الجماعة الإرهابية محمد يوسف كان عضواً فى جماعة «الإخوان» بنيجيريا. ويوضح التقرير أن كل الجماعات الإرهابية تتبنى نفس الخطاب والأيديولوجية الإخوانية بل تنهل من نفس الكتب الخاصة بسيد قطب وتكفير المجتمع. فهذه الجماعات تشترك مع الإخوان فى تقسيم المجتمع إلى مجتمع جاهلية فى مواجهة مجتمع الإسلام فالجميع ينهل من تعريف سيد قطب الشهير: «إن الإسلام لا يعرف إلا نوعين اثنين من المجتمعات، مجتمع إسلامى ومجتمع جاهلي. المجتمع الإسلامي: هو الذى يطبَّق فيه الاسلام عقيدة وعبادة، شريعة ونظامًا، وخلقًا وسلوكًا.. والمجتمع الجاهلي: هو المجتمع الذى لا يطبق فيه الاسلام ولا تحكمه تصوراته وقيمه وموازينه، ونظامه وشرائعه، وخلقه وسلوكه. ليس المجتمع الإسلامى هو الذى يضم ناسًا ممن يسمون أنفسهم مسلمين». محمد مرسى والتنظيمات الإرهابية يستعرض التقرير ايضاً علاقة المعزول محمد مرسى بالتنظيمات المتطرفة والإرهابية، فيشير إلى علاقة مرسى بمحمد الظواهرى شقيق أيمن الظواهرى خلال فترة حكمه لمصر ودعوة أيمن الظواهرى إلى ارسال 300 ألف متطوع لمساعدة القوات المصرية فى شبه جزيرة سيناء وما تلاها من تضامن الظواهرى مع الإخوان عقب اسقاط حكم مرسى فى ثورة 30 يونيو 2013.
ويوضح التقرير أن مرسى أفرج عن العشرات من قيادات وعناصر القاعدة والمتطرفين خلال عام 2012 من بينهم متورطون فى اغتيال الرئيس السادات. ويشير التقرير إلى جملة البلتاجى الشهيرة بأن العنف فى سيناء سيتوقف فى اللحظة التى ينتهى فيها«الانقلاب» فى إشارة واضحة للارتباط بين «الإخوان» وجماعة «أنصار بيت المقدس»الإرهابية. وفى ضمن استدلالات التقرير على علاقة الإخوان بالإرهاب أشار لعلاقة بنك التقوى المرتبط بالجماعة بتمويل التنظيمات الإرهابية. ويقول التقرير إن قطر وتركيا يدعمان الإخوان، حيث توفر البلدان ملجأ للقيادات الجماعة ومن أبرزهم يوسف القرضاوى وغيره من القيادات. ويشير التقرير إلى سعى قطر لاستخدام الجماعة من أجل تحقيق استراتيجيتها للهيمنة فى المنطقة بينما تسعى تركيا عبر دعم الإخوان لاستعادة دورها وحلم الخلافة. -- ثورة 30 يونيو وعنف الإخوان يوضح التقرير أن الحكمة المصرية اعلنت الإخوان جماعة إرهابية عقب ثورة 30 يونيو 2013 وقامت باعتقال قياداتها وذلك بعد أن كشفت الجماعة عن وجهها الحقيقى والذى لا يرى سوى العنف واستخدام القوة للوصول إلى السلطة وهو ما تمثل فى زيادة وتيرة الإرهاب والعمليات الإرهابية سعياً لعرقلة الحكومة والنظام وهو ماجعل الجماعة الداعم الرئيسى للعنف والإرهاب فى البلاد.


المصدر الاهرام

تعليقات

المشاركات الشائعة