بروتينات صغيرة من مخلفات الغسيل الكلوى لمكافحة الفيروسات والأورام

المصدر الاهرام

فكرة يبحثها علماء مصريون وألمان :

على أطراف مدينة صغيرة لايتعدى عدد سكانها 130 ألف نسمة، وتشتهر بأنها مكان ميلاد عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين، تجرى البحوث فى جامعة أولم بألمانيا لتصميم وابتكار أنواع جديدة من الأدوية مستخرجة من مخلفات الغسيل الكلوي، حيث يتوقع العلماء أن من هذه المخلفات يمكن علاج العديد من الأورام والقضاء على العديد من الفيروسات. ورغم غرابة الفكرة فإن هناك الكثير من المؤشرات التى تشير إلى أن هذا التوجه العلمى هو بمثابة المستقبل فى صناعة الدواء.
ويقول د. أشرف عبادى أستاذ بحوث صناعة الدواء بالجامعة الألمانية بالقاهرة انه فى مستشفى جامعة أولم وجد الأطباء أن من ضمن الأملاح والسموم الناتجة عن الغسيل الكلوى ينتج الجسم أيضا بروتينات صغيرة لها دور فى مقاومة الفيروسات والبكتيريا وكذلك علاج بعض الأمراض، وعلى ذلك تم فصل قرابة مليون بروتين صغير وتكوين فرق بحثية فى 5 معاهد مختلفة ما بين مصر وألمانيا لدراسة هذه البروتينات وإعادة تصنيعها لاختبارها معمليا.
يقول د. لودجر شتايذكر مدير مركز البيبتيدات الفعالة إن المراحل الأولى للبحث تبدأ من حيث نقترح عددا من البروتينات المكتشفة من مخلفات غسيل الكلى على زملائنا فى مصر لإعادة تصميمها بما يجعلها أعلى كفاءة وفاعلية فى مكافحة الفيروسات، بعد ذلك نقوم نحن بتصنيعها فى ألمانيا بالاشتراك مع باحثين من مصر. وأوضح أنه بإعادة تصميم هذه البروتينات تم تصنيع مشتقات أخرى منها تتميز بزيادة الفاعلية والثباتية والانتقائية فى التفاعل مع الفيروسات والحد من اختراقها خلايا الجسم. وبالفعل فلقد أثبتت الدراسات أن البروتينات المصممة فى مصر تتميز بفاعلية 16 ألف مرة مما تم اكتشافه من مخلفات الغسيل الكلوى بألمانيا كما تم تسجيل عدد منها كبراءات اختراع.
من ناحيته أوضح د.إيان مونش مدير معهد دراسات الفيروسات الجزيئية أن البحوث الدولية أثبتت كفاءة البروتينات الصغيرة فى خفض الالتهابات والآثار الجانبية الناتجة عن بعض العلاجات الدوائية وكذلك خفض المضاعفات الصحية لمرضى الروماتويد. وعلى مدى السنوات الأخيرة تم اعتماد العديد من البروتينات المصغرة فى التجارب السريرية ويرجع السبب فى ذلك للتطور التقنى فى تصنيع هذه البروتينات، ومن المتوقع فى السنوات القريبة أن يتم تصنيع هذه البروتينات فى صورة عقاقير بالفم حيث تتميز بأنها أعلى كفاءة وأسهل فى التصنيع من الأدوية التقليدية، كما أن الآثار الجانبية للبروتينات أقل بكثير من الأدوية المتعارف عليها إلى جانب ذلك فإننا نجرى أبحاثا على فاعلية بعض البروتينات للحد من فيروس زيكا وإيبولا وغيرها.
وفى مجال أمراض النساء فإن هناك فريقا بحثيا بكلية طب جامعة أولم بقيادة دكتورة ليزا بسمولر يقوم بدراسة فاعلية بعض البروتينات المكتشفة فى الحد من الإصابة بسرطان الدم كأثر جانبى فى بعض الحالات من أدوية علاج سرطان الثدى والرحم.   ويوضح د.مونش أن هذه الدراسات تستغرق من 4 إلى 8 سنوات قبل البدء فى التجارب السريرية على البشر وهى مدة أقل نسبيا بالمقارنة بصناعة الدواء نظرا لأن البروتينات تشابه ما تم إنتاجه بجسم الإنسان وبالتالى فهى أقل ضررا من المركبات الدوائية الكيميائية.
من ناحية أخرى يقول د. كريستيان سينزيجر نائب مدير معهد بحوث الفيروسات بجامعة أولم إن الفريق البحثى المصرى صمم عددا من البروتينات للحد من نشاط فيروسات عديدة مثل الهربس وفيروس سى وكذلك فيروس نقص المناعة البشرية المسبب للإيدز. وبالنسبة لفيروسات الهربس فلدينا مؤشرات إيجابية لفاعلية البروتينات فى مكافحة الفيروس طبقا للتجارب المعملية ومن المعروف أن النوع البسيط من فيروس الهربس منتشر بشكل كبير على مستوى العالم ويكمن فى الجسم مدى الحياة ومن الممكن أن ينشط عند الإصابة بالأمراض المناعية. وبالنسبة للحوامل فقد يهدد الفيروس حياة الجنين، لذا هناك حاجة ماسة للوصول إلى بروتينات توقف نشاط الفيروس بشكل فعال.
وعن أسباب تركيز التعاون المصرى مع جامعة أولم أوضح د. أشرف عبادى أن هذه الجامعة وفقا لتصنيف التايمز لعام 2017 للجامعات الشابة الأقل من 50 عاما، احتلت المركز الأول بألمانيا والثالث أوروبيا والثامن عالميا، كما تتميز بالتعاون الكبير بين التخصصات المختلفة مابين الطب وعلم الفيروسات وبحوث صناعة الدواء إضافة إلى وجود الشركات الصناعية فى قلب حرم الجامعى بما يسرع من وتيرة المشروعات البحثية.

تعليقات

المشاركات الشائعة