محمد سعد لـ «الأهرام»: هجرت «اللمبى» إلى «بشر» بسبب شكسبير

المصدر الاهرام . اخبار الفن
علمته الحياة درسين مهمين الأول أن المعاناة هى المعلم الأكبر للفنان فهى ترشده بما تمنحه إياه من خبرات أن ثمة فرصة فى الأفق، والثانى أن الجمهور هو الآمر الناهى فى مملكة الفن إن احبك فأنت على الطريق وإن انصرف عنك فلابد إن تصحح أخطاءك

محمد سعد ممثل موهوب وطاقة كبيرة ، عانى كثيرا قبل أن تأتيه فرصة اللمبى وعندما أتته أمسك بها وقدم نفسه للجمهوركما ينبغى ، ممثل كوميدى خرج من رحم المعاناة وألم المهمشين الذين قدم نموذجهم على الشاشة، وعندما كرر نفسه انصرف عنه الجمهور، استوعب الدرس وقرر تغيير أسلوبه الفنى لكنه انتظر المخرج الكبير شريف عرفة صاحب الفضل الأول عليه ليعيد إطلاق مواهبه حيث قدمه فى الكنز بدور رئيسى يلعب فيه سعد شخصية رئيس القلم السياسي.

اللمبى أيقونة محمد سعد هل صار من الماضى وحل بدلا منه «بشر» هذا ما يبوح به محمد سعد فى هذا الحوار:

فيلم «الكنز» من الأفلام القليلة التى انحاز فيها الجمهور لك ولأدائك شخصية رئيس القلم السياسى ؟

ما حدث من نجاح هوفضل ربنا سبحانه وتعالى ، وجهد وتوجيه المخرج الكبير شريف عرفة وسيناريو للمبدع عبد الرحيم كمال، أنا كنت مهموما بشغلى فى الفيلم والشخصية التى اقدمها وكل يوم اجد الثناء من الجمهور

موافقتك على أداء شخصية بشر هل ثقة فى اسم المخرج شريف أم أنك قرأت السيناريو أولا؟

لمعت عيناه وبدا على وجهه علامات السعادة وقال بلا تردد ، اسم شريف عرفة، ثم أكمل، اقول لك على حاجة، الحلو يختار حلو، والاستاذ شريف حلو، ولا تنس أنه هو صاحب القصة السينمائية وعبد الرحيم كمال كتب السيناريو والحواربشكل ممتع وجميل وأنتاج ضخم.

وماذا حدث؟

ألو... أزيك يا محمد.. ثم قال لى احنا مش هنشتغل مع بعض؟ فقلت له أنت إللى بتقول لى الكلمة دى ..انا كنت انتظرها..ثم تقابلنا وقال لى فى «وشى على طول» رئيس القلم السياسى».. أول ما قال كده جاب جول عندى فى لحظة .. وقال لى انها شخصية ثرية ستكون علامة فى السينما ولها بعد انسانى ودرامى وتاريخى ، بعد المقابلة أخذت السيناريو وطلب منى اقرأ الجزء الخاص بى فقط حتى لا تحدث عندى لخبطة، وقرأت فحصل لى ذهول من كمية التمثيل الموجودة فى شخصية «بشر» والتتابع فى الأحداث حوله فقلت -هو ده-..ثم اتصلت به وقلت له أنا طاير من الفرح وشكرته

تحدثت عن التمثيل فى شخصية بشر.. هل بذلت جهدا أكبر من شخصيات أفلامك الكوميدية السابقة؟

.. لو قلت لك حاجة مش هتصدقها .. شخصية «بشر» كانت أسهل على بكثير من أداء «الكراكترات» التى قدمتها فى حياتى .. لأنه من السهل أن تبكى المتفرج، ولكن من الصعب جدا أنك تضحكه والصعوبة أن تظل تضحكه من قلبه على مدى 15 عاما، كنت أعيش ارهاقا شديدا ، ولا اخفيك سرا ان شخصية مثل اللمبى او بوحة أو عوكل، كنت أتدرب على الشخصية لمدة تصل إلى 4 شهور لكى يكون شخصا من لحم ودم وتصدق أنه الشخصية..أما شخصية «بشر» فالصعوبة فى الكتابة، فى أنك تلاقى كتابة «بشكل حلو» ومخرج فاهم ماذا يريد من الممثل ، ففى حاله مثل فيلم «الكنز» ما عليك الا أن تمثل ، ما أريد أن أقوله ان شخصية بشر يمكن لأى ممثل ان يقوم بها ، ولكنها تفرق درجات من أحساس لآخر ومن فهم عمق الشخصية من شخص لآخر وتفرق فى الموهبة من ممثل لآخر، وفى النهاية .. الممثل هو الذى بيفرق فى الأداء..

هل يحتاج الأداء المميز إلى إحساس الممثل بالأمان؟

الأمان وجدته عند شريف عرفة والسيناريو، هذا الأمان جعلنى أمثل فقط ولا أهتم إلا بكيفيه أدائى للشخصية وما بها من أحاسيس ومشاعر وتناقضات.

وهل هناك مناطق فى الشخصية تعاطفت معها؟

آه طبعا لأنه ليس قادرا على الحب وفى الوقت نفسه يريد السلطة وفى جملة كان يقولها «لو اخترت بعقلك فى الحب هتنشف وتجف ولو اخترت بقلبك تبقى عبيط» فلازم توزنها لان الحياة يتم معايشتها بالميزان ولو اخترت اختيارا خاطئا عليك ان تعرف انك اخترت «غلط» لكى تستطيع ان تصلح الغلط .

اللمبى هذا البطل الهامشى كان يملك إمكانيات فنية ودرامية وإنسانية واجتماعية ورغم هذا الثراء هجرته فهل يعنى أنك استنفدت الشخصية؟

خلاص شبعت منها، رغم أنها شخصية ناقدة لأنه من جوه الناس، ووقتها خرج من يقول اللمبى ليس منا ومصرليس فيها مسطول ولسانه تقيل، ولكن بعد ما الثورة قامت رأينا من نماذج اللمبى الكثير وأثرت فينا كشعب سواء بالسلب او الإيجاب ، فالشخصية اذن موجودة،لا أنكرأنها شخصية ثرية ويمكن أن يطلع منها كثير لأن فيلم «أنديانا جونز» مثلا صنعت منه اجزاء كثيرة لكن المهم ماذا يناقش فهذا ما يدفعك الى مشاهدة اى فيلم:

هل فكرت فى تقديم اللمبى فى ثوب جديد؟

كل السيناريوهات التى كتبت ليس فيها شيء يغرينى فكلها مثل ما تم تقديمه من قبل، فعندما قدمت اللمبى فى 8 جيجا كان هناك جديد وايضا فى «اللى بالى بالك» وفى «اطاطا» وكنت أنتظر فرصة يرى الجمهور وأصحاب الأقلام منى الجانب الاخر بعد ان قدمت عددا من «الكراكترات» الكوميدية.

لو قدمت اللمبى فى 2018 ماهى القضايا التى يمكن أن يتكلم عنها ؟

الواقع متغير والأفكار كثيرة ولكن من يضع اللمبى فى موضوع جديد، من هذا الأمين اللى سيضع اللمبى فى موضوع مختلف ، انا بالنسبة لى اللمبى انتهى عند المنطقة التى قدمته بها الى ان يجد جديد ويكون هناك مخرج قوى مثل شريف عرفة قفل عفاريت اللمبى وطلع «بشر».

هل القفل على اللمبى أسعدك؟

طبعا فقد كان هناك مطلب جماهيرى أن أغير من سنوات وأنا كنت منتظرا، لم أكن أريد أن أغير بتسرع لأن النقلة قرار مصيري، وتغيير نمط فى حياتى الفنية بعد 15 سنة من الكوميديا، قرار محتاج الى مخرج واع وفاهم يقدر أن ياخذنى لنقلة تستحق ان تكون نقلة فى حياتى وهو ما فعله شريف عرفة، وامانى معه وثقتى فى اختياراته وفكره وموهبته كلها عوامل جعلتنى اشعر بالتغيير من الكوميدى الى التراجيدى

باعتبارك أحد المميزين فى الأداء الحركى كيف ترى الأداء الجسدى للممثل فى مصر والعالم؟

أشكرك لأن الجميع يشير إلى تميز خاص عندى فى الأداء بالجسد وأقول السلوك الجسدى من أهم التفاصيل لأى شخصية للممثل فإستحالة فى أحد المشاهد التراجيدية يكون يبكى ويرقص فى ذات الوقت إنما «لما تعيط جسمك كله ينتفض» ..الممثل كتلة واحدة فى المشهد ..الجملة الصادقة من الممثل تكون خارجة من كميا الجسم بجميع الانفعالات الداخلية للممثل فلوأن هناك مشهدا به خجل نراه «يطرقع صوابعه او يتلجج أو يعرق» إذن الاداء بالجسد مهم للممثل زى العين والنطق وكل هذه مكملات الممثل.

تجيد التلون بصوتك كما شاهدنا فى كثير من أفلامك ؟

السيناريو والشخصية هى التى تحكم الأداء فلو مكتوب جملة «سامحينى ياأمى ويقبل يدها» فأكيد أداء اللمبى سيختلف عن أداء بشر وعن أداء عوكل وأداء حناوى وكل واحد له أداؤه وسلوكه الاجتماعى الذى يستمده من المنطقة والبيئة التى يعيش فيها .

لماذا تحب الرقص والغناء فى كثير من أفلامك؟

ما يحكمنى فى الأداء هو السيناريو فالشخصية ومكانها وبيئتها هى التى تفرض على طريقة الاداء فمثلا عندما يكلم «كوتة» فى البلكونة ويغنى لها «يا للى نسيت الغرام» وفى فيلم «اللى بالى بالك» يقول «اجى اقول أقولك أسكت مقولكش أخاف أمد إيدى على القمر مطولش» هذه شخصيات موجود فى الحياة وأولاد البلد الحلوين هم الذين يمدوننا بما نقوله ولولاهم ما قدمنا فنا.

أنت منحاز لهم فى معظم أفلامك؟

لست منحازا ، أنا منهم وهم أحبوا «بشر» وأثنوا عليه.كما أحبوا اللمبي

لو لم تكن ممثلا هل كنت تحب أن تكون مطربا؟

أنا بنى آدم جوايا ممثلا يكون مطربا ولاعب سيرك وابن بلد فأنا أقدم كل الأدوار .

وما علاقتك الحقيقية بالغناء؟

والدى كان صوته حلوا وهذه جينات متوارثة ، فكنا بعد الغداء نشرب الشاى ثم نغنى وكان صوته يعجبنى كثيرا واقول لك مفاجأة المواويل التى أديتها فى أفلامى كان فيها صوت أبى ويمكن صوت أبويا أرق وأحلى .

ما الذى يجمع بين «هاملت» الذى تعشقه واللمبى الذى صنع منك نجما ؟

حلم محمد سعد فأنا أحب كل الادوار ولولم اكن احب ذلك ما استطعت اداء اللمبى ولا «كاسيوس» فى يوليوس قيصر وهاملت وتتح وبوحة انا أرى هذه الشخصيات الفنية من خلال الحياة والمشاهدة والشوارع والأفراح والروايات والنصوص العالمية والعربية .

وهنا أتذكرالدكتور عبد الرحمن عرنوس رحمه الله كان يقول لنا الممثل عبارة عن جندى حاطط «مخلة» على ضهره وطول ما هو ماشى ياخد اللى يعجبه ويحط فى المخلة ولما يجى وقتها يروح مطلعها «الجعبة» ويقولك طلع اللى فى جعبتك .

عندما قدمت «بشر» ما الذى كان فى جعبتك؟

كان حلم نفسى أعمل هذا النمط من الشخصيات وكان مجموع حاجات جوايا وعايز اعمل النوعية التى يطلبها الناس منى ولكن لم أكن أعرف أنها ستأتى لى بالشخصية بهذا الشكل الفنى الممتع المركز فكنت أستمتع بكل جملة أقولها .

الكثير لا يعلم أنك على درجة كبيرة من الثقافة لأنهم يعتقدون أنك تشبه الشخصيات التى تؤديها؟

ليس بالضرورة الآن أن تقول لى شعرا أو تظهر أنك تفهم فى الموسيقى أو أنك صاحب لياقة بدنية عالية ولكن عندما يأتى وقت كل شيء فإنه يطلع فى الوقت المناسب .

ــ قلت لى أن الذى يجمع بينك وبين اللمبى هو ذلك العذاب الذى عاش فيه الشاب الضائع وأنت تعبت لكى تصبح نجما فما الذى يجمع بينك وبين بشر ؟

أنا أحببت بشر حيث يجمع بينى وبينه المشاعر ، الانسانية وربما أفعل مثله وأترك وصية مسجلة لأولادي.

«الكنز» كشف عن «كنز» بداخلك؟

فرصة عظيمة أظهر حاجة من داخلى كنت أعرف أنها موجودة وكنت خايف أديها لحد لا يحافظ عليها وكنت أنتظر المخرج الذى يستطيع أن يفعل ذلك ويكون حد أمين جدا يعرف يطلعها .

قدمت أفلاما لم تعجب الناس، هل كنت تشعر بذلك؟

طبعا ولكن «مكنتش» بتعب نفسيا لأنى أعرف العيب فيمن حولى خاصة الذين لم يؤدوا أعمالهم بدقة كاملة لعدم توافر متطلبات العمل كما يجب .

هل أعاد لك «بشر» كامل حقوقك؟

أعطانى كامل الرضا ... وهو نقلة وولادة جديدة لى فنيا مثلما كان اللمبى نقلة لي.

عندى سؤال مفروض أن أوجهه لشريف عرفة ولكن سأوجه لك مباشرة لماذا اختارك؟

قال لى عرفة «انا شوفتك تؤدى أحد مشاهد مسرحية لشكسبير فى برنامج االبيت بيتك» فقال لى لما شاهدتك قلت هو ده بشر وهى دى امكانياته.

اليوم وبعد أن أصبحت نجما، ماذا أعطتك المعاناة وماذا استفدت من قسوة طريق الوصول لفرصة؟

المعاناة تعطى خبرات ولا أنكر اننى عانيت فى صعودى ولولا المعاناة ما كنت أدركت حجم الفرصة التى جاءت لى فى فيلم «الناظر» مع شريف عرفة فلو جاءت لى هذه الفرصة بعد سنة واحدة من دخولى الوسط «مكنتش هعرف قيمتها» ولكن أنا عانيت أكثر من عشر سنوات قبل دخولى الوسط الفنى وخلال هذه الفترة مثلت فى قصور الثقافة ومراكز الشباب «أتمرمطت» ثم دخلت المعهد وشاركت فى بعض الأعمال مع المخرج محمد فاضل والمخرجة إنعام محمد على والخبرة هى التى جعلتنى أمسك فى فرصة «اللمبى» فى فيلم الناظر وكنت أعلم انها فرصة وطلعت فيها كل اللى عندى.

تعليقات

المشاركات الشائعة