الشـبيهان يعـيد طرح السؤال القديم: من يصنع الاستبداد؟
فى كتاب «الشبيهان» تعرّض مؤلّفه كارم يحيى إلى أدق تفاصيل «مبارك وبن علي» حتى إنه لم يغادر صغيرة ولا كبيرة فى حياتهما إلا أحصاها، وهو ما جعل كتابه يطرح من الأسئلة أكثر مما يقدم من إجابات .
صدّر المؤلّف كتابه بمقولة للكاتب الإسبانى الشهير خوان جويتيسولو جاءت فى حوار أجراه المؤلّف نفسه معه لـ «الأهرام» وهي «الطغاة يتشابهون» ، مشيرا إلى أن الذى يجمع بين الجنرالين «مبارك وبن علي» ليس فقط مجرد الخلفية العسكرية والولع بالتصابي، وإنما يجمع بينهما أمور كثيرة منها: النشأة الاجتماعية المتواضعة، وسنوات الطفولة والدراسة الغامضة ، وفقر التكوين الثقافى والسياسي، مع فجوات فى السيرة الذاتية الرسمية.
من بين فصول الكتاب التسعة ، يأتى فصل «عبادة الفرد» ليقرر أن المصطلح ينطبق إلى حد كبير على جميع الحكام فى فترة ما قبل الربيع العربى ، خاصة على صدام العراق بين عامى 1979 و2004 ، وعلى الأسدين السوريين حافظ الأب وبشار الابن منذ عام 1971 .
من يصنع الاستبداد؟
برأى المؤلّف فإنه ليس بالإمكان إحصاء عدد الكتب الصادرة فى مديح الرئيسين الشبيهين .
ويقرر أنه يستحيل وضع قائمة ببلوجرافية شاملة بهذه الكتب ، لأن السماء أصبحت ملبدة بالسحاب والحجب بعد الإطاحة بهما ، فضلا عن أن مؤلفى وناشرى كتب مديح الرئيسين سارعوا بالتخلص منها وإخفائها فور رحيل الرجلين عن الحكم ، متنكرين ــ بوصف يحيي ــ لماض قريب أفادوا واغتنموا واغترفوا من فضل ريائه.
وفى ذات السياق : من يصنع الاستبداد؟ يفاجئنا يحيى باطلاعه على صفحة الأبراج التى جاء فيها يوم مولد مبارك «أنت مبارك وعظيم فى يوم عيد ميلادك»
وأشار الكاتب إلى أن اللافت فى السياق الفلكى أن طالع اليوم ذاته فى السنوات السابقة وحتى عام 1981 جرى كتابته دون عناية أو مراعاة لمشاعر «حسنى مبارك»وضرب مثلا بطالع يوم 4 مايو 1981 وقبل أن يصل إلى الرئاسة بأشهر قليلة ، والذى جاء فيه: «بعض الاضطرابات بمحيط العمل تنتهي» .
«الحزب الواحد الأحد والتعددية المزيفة» ذهب المؤلّف إلى أن بنية الاستبداد الداخلية فى كل من مصر وتونس امتدت لتشكل حالة من الهيمنة على الحياة السياسية فى البلاد بأسرها، لتضعنا أمام حزب حاكم يختلط ويتماهى مع أجهزة الدولة ويوظفها فى سبيل دوام هذه الهيمنة واستبعاد أى منافسة جدية.
وتحدث يحيى عن مآل الحزبين الحاكمين فى مصر وتونس بعد انهيار نظامى بن على ومبارك، فقال إن الحزبين فى البلدين أصبحا هما المحظور والممنوع.
ومن مصير حزبى الرئيسين الشبيهين ، إلى رجال الأعمال المحاسيب، حيث قام المؤلف بتتبع المسار التاريخى لجريمة بناء أعتى رأسمالية محاسيب فى مصر زمن مبارك، وفى تونس زمن بن علي، موضحا أنها وإن بدأت بالإنفاق على مشروعات بنية تحتية تؤسس لجذب المستثمرين المحليين والأجانب، إلاّ أنها صبّت فى نهاية المطاف لمصلحة حفنة من رجال الأعمال المحاسيب المستثمرين فى السياحة .
أخيرا تبقى كلمة عن غلاف «الشبيهان» الذى كنا ننتظر فيه وضع صورتى «مبارك وبن علي» كشأن أغلفة الكتب السياسية التى تتسم بالمباشرة، فيا ترى ما سر استبدال غلاف آخر غير مباشر، بصورتى الشبيهين ؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتاب: الشبيهان سيرة مزدوجة لمبارك وبن علي
المؤلف: كارم يحيي
الناشر: الهيئة العامة لقصور الثثقافة
الصفحات: 247 صفحة
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق