واشنطن تحبس أنفاسها فى انتظار نشر تقرير تعذيب ما بعد هجمات سبتمبر
.. حراسة استثنائية للسفارات والمصالح الأمريكية فى العالم تحسبا لعمليات انتقامية
وسط حالة من الترقب والقلق، حبس العالم أنفاسه أمس قبل ساعات من إصدار لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الأمريكى ملخص تقرير مثير للجدل حول أساليب التعذيب التى لجأت إليها المخابرات المركزية الأمريكية «سي. آي. إيه» خلال التحقيقات المكثفة مع المعتقلين والمشتبه بهم بعد هجمات 11 سبتمبر 2011.
فقد سارعت السلطات الأمريكية إلى تشديد الإجراءات الأمنية حول سفاراتها ومنشآتها الدبلوماسية والعسكرية فى مختلف أنحاء العالم تحسبا لموجة من الغضب الشعبى العالمى من المتوقع أن تستهدف المصالح الأمريكية حول العالم بمجرد الكشف عن أساليب التحقيق الشرسة وغير الإنسانية التى انتهجتها المخابرات الأمريكية داخل منشآت وسجون سرية فى العديد من دول أوروبا وآسيا.
وفى انتظار صدور ملخص تقرير التعذيب الذى يتضمن 480 صفحة، من أصل أكثر من 6 آلاف صفحة وضعتها لجنة ديمقراطية لتقصى الحقائق، حذر جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض من أن هناك مؤشرات ترجح احتمال تعرض المنشآت والمواطنين الأمريكيين فى مختلف أنحاء العالم لخطر حقيقى بمجرد صدور التقرير.
وشدد على أن الإدارة الأمريكية سارعت لاتخاذ إجراءات احترازية عاجلة لضمان تأمين المنشآت والمصالح الأمريكية فى كل مكان على سطح الأرض، وهو نفس ما أكده الكولونيل ستيف وارين المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» والذى رجح بدوره احتمال اندلاع «اضطرابات عنيفة» فى العديد من الدول بمجرد نشر التقرير ، وهو ما دفع السلطات الأمريكية إلى إصدار تعليمات لوحداتها القتالية لاتخاذ إجراءات وقائية لحماية المصالح الأمريكية.
وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض إلى أنه بغض النظر عما إذا كانت هذه الأساليب البشعة فى التحقيق قد أسفرت عن معلومات مهمة من عدمه، فإن الرئيس باراك أوباما يرى أن اللجوء إلى مثل هذه الطرق البشعة فى التحقيق غير مبررة ولا تتواءم مع المبادئ الأمريكية، كما أنه لم يجعل يجعل أمريكا أو الأمريكيين يعيشون فى مناخ أكثر أمانا.
ونقل تقرير لوكالة أنباء «أسوشييتد برس» عن مسئولين أمريكيين اطلعوا على ملخص تقرير التعذيب إشارتهم إلى أنه يكشف عن سلسلة من التفاصيل المقلقة والبشعة حول تفاصيل عمليات التعذيب التى لجأت إليها الـ»سى آى إيه«، والتى تضمنت الحرمان من النوم والحجز فى أماكن ضيقة للغاية ومحاكاة الغرق ناهيك عن التهديد بالاعتداء الجنسى بعصا مكنسة فى بعض الأحيان وغيرها من الانتهاكات والإهانة، بالإضافة إلى رسوم بيانية للتهديدات بالانتهاكات الجنسية للمشتبه بهم.
ويشدد التقرير على أن هذه الأساليب البشعة فى التحقيق فشلت فى استخراج أى معلومات مهمة أو مؤثرة فى التحقيقات من المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب، وهو الأمر الذى يعتبر مصدر خلاف بين المسئولين السابقين والحاليين فى المخابرات الأمريكية، بمن فيهم جون بيرنان مدير الـ»سى آى إيه».
كما يوجه التقرير اتهامات صريحة للمخابرات الأمريكية بإخفاء حقيقة برنامجها السرى للتعذيب عن المسئولين فى البيت الأبيض ووزارة العدل الأمريكية واللجان المختصة بمراقبة عمل المخابرات فى الكونجرس الأمريكي, وعلى الرغم من ترحيب البيت الأبيض الظاهرى بالإفراج عن هذا التقرير، فإن المسئولين الأمريكيين عبروا عن قلقهم من النتائج الأمنية المقلقة التى قد تترتب على الكشف عن تفاصيل التعذيب التى تعرض لها المعتقلون من مختلف أنحاء العالم.
فقد ناشد جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى السيناتور ديان فينستين رئيسة لجنة تقصى الحقائق التفكير مليا فى توقيت الإفراج عن مثل هذا التقرير.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن أوباما كان على علم بمبادرة كيري، إلا أن المسئولين بالبيت الأبيض شددوا على ضرورة إعلان الرئيس الأمريكى موافقته ودعمه الكامل لنشر هذا التقرير.
أما النائب الجمهورى مايك روجرز رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب فقد حذر من أن أجهزة المخابرات وحكومات العديد من دول العالم قد عبرت عن تخوفها من قبل ، خلال لقاءات خاصة، من احتمال استغلال المتطرفين لهذه الفرصة لإشعال الاضطرابات وأعمال العنف وهو سيتسبب فى بحر من الدماء.
ويذكر أن اللجنة استغرقت سنوات طويلة لوضع هذا التقرير الذى تضمن تفاصيل حول تاريخ المخابرات الأمريكية فى الاعتقال والتحقيقات والتى أقرها الرئيس الأسبق جورج بوش الإبن.
ومن ناحيتها، أكدت منظمة «هيومان رايتس وواتش» لحقوق الإنسان أن أساليب التحقيق تجاوزت الحدود القانونية التى أقرتها إدارة بوش، وأشارت إلى أن محاولات اللحظة الأخيرة لعرقلة نشر هذا التقرير تؤكد مدى أهميته للكشف عن برنامج «سى آى إيه» المرعب والبشع للتحقيق مع المعتقلين.
وأوضحت سارة مورجان مديرة المنظمة فى واشنطن أن الكشف عن مثل هذه الحقائق بدلا من دفنها سيخدم السياسة الخارجية الأمريكية بشكل أفضل.
ومن ناحيته، دافع بوش بضراوة عن عناصر وعملاء المخابرات الأمريكية، زاعما أنهم أبطال وطنيون يخدمون مصالح الوطن بغض النظر عن التجاوزات التى يرصدها التقرير.
المصدر الوفد
تعليقات
إرسال تعليق