رئيس القضاء العسكري لـ «الأهرام»: ضمانات كاملة للمتهمين ولا مدنيين بالسجون العسكرية



تتباين آراء المواطنين بشأن مثول المدنيين أمام القضاء العسكرى. ففى الوقت الذى يؤيد فيه بعضهم ذلك نظرا لسرعة فصله فى القضايا، يشعر آخرون بالإحباط إزاء فكرة التقاضى أمام محكمة عسكرية بحجة التخوف من إجراءاتها الرادعة.
وقد يقف وراء هذا مجرد عامل نفسى مرده الرهبة من كلمة «محكمة عسكرية». وللوقوف على حقيقة الأمر، أجرت «الأهرام» حواراً مع اللواء مدحت غزى رئيس هيئة القضاء العسكرى، فأوضح أن القضاء العسكرى لا يختلف عن نظيره المدنى سوى فى الزى فقط.وقال إن آلية عمله لا تخرج عن نطاق الدستور. كما أشار إلى أن للمواطن المدنى الحق فى الاستعانة بمحام، كما يحق له الاستئناف أمام القضاء العسكرى، فضلاً عن إمكانية حضور ذويه جلسات المحاكمة. وتلقى السطور التالية الضوء على جوانب أخرى تجلى الحقيقة، ونطرحها على الرأى العام:


فى البداية أجاب اللواء مدحت غزى رئيس هيئة القضاء العسكرى عن التساؤل الذى يدور فى أذهان كثير من المواطنين بشأن الفارق بين القضاء المدنى والعسكرى. وأشار إلى أنه يمكن القول ببساطة إن الفرق الوحيد بين رجل القضاء العسكرى، ورجل القضاء المدنى هو فى اختلاف الزى الذى يرتديه كل منهما. وأود القول إنه لايوجد فرق مطلقاً بين القضاء العسكرى، والقضاء المدنى سواء بالنسبة لأعضائه، أو بالنسبة لإجراءاته، أو فيما يخص إجراءات المحاكمة أو التحقيق، وذلك يكون بدءاً من اختيار الأعضاء حتى آخر الإجراءات سواء فى النيابة أو المحكمة فهم يخضعون لنفس الشروط. وعلاوة على هذا، فإن القضاء العسكرى يطبق قوانين الدولة وليس لديه قوانين خاصة به، إذ أنه يطبق قانون الإجراءات الجنائية، وقانون العقوبات المصرى، وكل قوانين الدولة المعمول بها فى محاكم القضاء المدنى. وبالتالى، ليس هناك فرق بين أعضاء القضاء العسكرى وأعضاء القضاء المدنى، لأنهم يخضعون لذات الشروط الواردة فى قانون السلطة القضائية لاختيارهم وممارسة الأعمال فى النيابة، والمحاكم المختلطة ومحكمة الطعون يكون طبقا لقانون الدولة، وطبقاً لدستور 2014 الذى عرف القضاء العسكرى بأنه جهة قضائية مستقلة بحسب ما جاء فى المادة 204 وذلك بالمثل مع ما حدث عن تعريف المحكمة الدستورية العليا بأنها جهة قضائية مستقلة. ومن ثم، فالقضاء العسكرى هو جهة من جهات القضاء بالدولة طبقاً للدستور الذى ذكر أن «أعضاء القضاء العسكرى مستقلون، غير قابلين للعزل، وتكون لهم كافة الضمانات، والحقوق، والواجبات المقررة، لأعضاء السلطة القضائية». والبيان الموجود فى الدستور ينظمه القانون رقم 25 لسنة 1966 وتعديلاته بشأن القضاء العسكرى.
دستوريا لا يحاكم المدنيون عسكرياً
وحول مخاوف المواطن البسيط من المحاكمة أمام القضاء العسكرى، أكد اللواء مدحت غزى أن تلك المخاوف لا أساس لها من الصحة، لأن كل من يخاف من القضاء العسكرى لايعلم عنه شيئاً، ولأن المجهول دائماً يخشاه الناس بالطبع، والقاعدة العامة حسب الدستور تمنع محاكمة أى مدنى أمام القضاء العسكرى إلاِّ ما استثنى فى الدستور وفى القانون. ونتمنى عدم محاكمة أى مدنى أمام القضاء العسكرى، لأن اختصاص القضاء العسكرى بالنسبة لمحاكمة المدنيين متعلق بحالات الاعتداء على القوات المسلحة، وبالطبع لايوجد مصرى يمكن أن يقبل الاعتداء على قواته المسلحة سواء كان على الأفراد أو المعدات والمنشآت أو على الأسلحة والأسرار العسكرية وعلى الحدود.

قانون حماية المنشآت العامة مدته عامان

وبشأن اختصاصات القضاء العسكرى التى أوكلت إليه بعد صدور قانون حماية القوات المسلحة للمنشآت العامة، وآلية تنفيذها، أوضح رئيس هيئة القضاء العسكرى أن القانون 136 لسنة 2014 ينظم هذا فهو قرار بقانون أصدره رئيس الجمهورية فى أكتوبر الماضى. ويقضى القانون باشتراك القوات المسلحة مع الشرطة المدنية فى حماية المنشآت العامة وأبراج الكهرباء والمرافق والطرق والكبارى، بالإضافة إلى خطوط الغاز وحقول البترول، وخطوط السكك الحديدية، وغيرها من المنشآت، والمرافق، والممتلكات العامة وما يدخل فى حكمها وتلك المنشآت واردة بالاسم فى القانون، وهذا القرار بقانون وضع تلك المرافق والمنشآت الحيوية فى حكم المنشآت العسكرية طوال فترة التأمين والحماية.

وقال اللواء مدحت غزى إنه طالما أن القانون اعتبر تلك المرافق العامة والحيوية فى حكم المنشآت العسكرية، فبموجب هذه العبارة وبحكم اللزوم العقلى، والقانونى يئول الاختصاص فيها للقضاء العسكرى، لأن الدستور فى أول بند فيما يخص محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى ينص على محاكمة جرائم الاعتداء على المنشآت العامة العسكرية أمام القضاء العسكرى وهذا اختصاص أصيل، وفيما يخص ذلك لا توجد إجراءات خاصة، وإنما تتم المحاكمة بموجب الإجراءات القانونية العادية التى يطبق فيها قانون العقوبات على من ارتكب الجرائم. كما يطبق قانون الإجراءات فيما يخص إجراءات التحقيق، والمحاكمة، وفقا للمتبع فى القضاء المدنى، علماً بأن هذا القانون تم تشريعه لمدة عامين بحسب النص ومعنى ذلك أنه قانون مؤقت أى محدد المدة..

قضايا الإرهاب

وفيما يتصل بمسألة ضم قضايا الإرهاب إلى اختصاصات القضاء العسكرى، نفي اللواء مدحت غزى رئيس هيئة القضاء العسكرى علاقة هذا القضاء بقضايا الإرهاب، لأنه إذا ارتكب فعل من القضايا المختص بها القضاء العسكرى وكان مصحوباً بعمل إرهابى فإنه فى هذه الحالة سيطبق القانون.

لا كبت للحريات .. أو تكميم للأفواه

أما فيما يشاع عن تكميم الأفواه، وكبت الحريات باللجوء لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، فأجاب اللواء مدحت غزى عن ذلك مستنكراً علاقة ارتكاب الجريمة بتكميم الأفواه، والحريات. وأكد أنه يتحدى أن يكون فى الدولة كلها قانون يحاسب على حرية الرأى، أو الفكر وهو ما يكرره فى لقاءاته من حين إلى آخر. وأضاف أن من يزعم ذلك فعليه أن يبرهن بالإشارة إلى قانون يؤكد مزاعمه. ولكن لدينا مادة تسمى المادة 85 من قانون العقوبات عرفت الاسرار العسكرية معرفة توصيفية، وبنص القانون فإنه من يفشى ذلك السر أو يذيعه دون تصريح من القيادة العامة للقوات المسلحة فإنه يحاسب. لذا فأنا دائماً أنصح الإعلاميين وغيرهم إن أرادوا الحديث عن شئون الجيش فلابد من الإطلاع أولاً على المادة 85 قبل كتابة أى شئ لأنها تنص على مايلى:

أولاً: يعتبر سراً من أسرار الدفاع عن البلاد كل من المعلومات الحربية، والسياسية، والدبلوماسية، والاقتصادية، والصناعية، التى بحكم طبيعتها لايعلمها إلاِّ الأشخاص الذين لهم صفة فى ذلك ويجب مراعاة ذلك لمصلحة الدفاع عن البلاد بأن تبقى سراً على من عدا هؤلاء الأشخاص.

ثانياً: الأشياء، والمكاتبات، والمخابرات، والوثائق، والرسوم، والخرائط، والتصميمات، والصور، وغيرها من الأشياء التى يجب لمصلحة الدفاع عن البلاد ألا يعلم بها إلاِّ من يناط بهم حفظها أو استعمالها، والتى يجب أن تبقى سراً على من عداهم خشية أن تؤدى إلى إفشاء معلومات مما أشير إليه فى الفقرة السابقة.
ثالثاً: الأخبار والمعلومات المتعلقة بالقوات المسلحة، وتشكيلاتها، وتحركاتها، وعتادها، وتموينها، وأفرادها، وبصفة عامة كل ماله مساس بالشئون العسكرية، والإستراتيجية ولم يكن قد صدر إذن كتابى من القيادة العامة للقوات المسلحة بنشره أو إذاعته.
رابعاً: الأخبار والمعلومات المتعلقة بالتدابير والإجراءات التى تتخذ لكشف الجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب، أو تحقيقها، أو محاكمة مرتكبيها. ومع ذلك، فيجوز للمحكمة التى تتولى المحاكمة أن تأذن بإذاعة ما تراه من مجرياتها. تلك هى المادة 85 التى حددت فيها الأسرار.

ولفت اللواء مدحت غزى الانتباه إلى أنه قد جاء فى الدستور أن القضاء العسكرى يختص بالجرائم المتعلقة بأسرار الدفاع عن البلاد. وبالتالى، إذا ما تم انتهاك ما جاء فى المادة 85 دون الحصول على إذن فإنه يحاكم أمام القضاء العسكرى بحسب نص الدستور.

المحاكم العسكرية والمدنية .. سواء بالقانون
وعن سبب استبدال اسم المحكمة العسكرية العليا بالمسمى الجديد، وهو المحكمة العسكرية للجنايات، الذى أحدث اختلاطا بالمفاهيم عند المواطن، أوضح اللواء مدحت أنه ليس هناك ما يدعو إلى الالتباس فى المفاهيم أو المسميات لأن المحكمة العسكرية العليا باسمها القديم هى ذاتها محكمة الجنايات العسكرية. ولكننا فى القضاء العسكرى رأينا إزالة هذا اللبس وذلك تم فيه حديثاً درجة للتقاضى فى الجنح، حيث أنشئت المحاكم العسكرية للجنح المستأنفة، ثم محكمة الطعون الموجودة من عام 2007وهى تتساوى مع محكمة النقض المصرية وتطبق قوانينها. أما جنح المستأنف، فهى درجة من درجات الطعن والتقاضى فى الجنح، ولم تكن موجودة فى القضاء العسكرى وانما استحدثت ليتماثل ويتطابق النظام القضائى المدنى مع نظام القضاء العسكرى. وبمعنى آخر، أنه مثلما توجد جنح مستأنف فى القضاء المدنى توجد مثلها فى القضاء العسكرى، ومثلما توجد محكمة للنقض فى القضاء المدنى توجد أيضاً محكمة عليا للطعون فى القضاء العسكرى. ولكى نقضى على مسألة الألتباس فيما يخص المسميات أصبح المسمى الجديد لدينا هو المحكمة العسكرية للجنايات، والمحكمة العسكرية للجنح، والمحكمة العسكرية، للجنح المستأنف والمحكمة العليا للطعون، وبذلك أصبحت المسميات مطابقة لما هو في القضاء العادى.
وأكد أن القضاء العسكرى يحكمه القانون مثل الزملاء فى القضاء المدنى،.

سر الإنجاز.. سرعة دون تسرع
أما عن السر فى سرعة إنجاز القضايا المعروضة على المحاكم العسكرية فى وقت وجيز خلافا لما يحدث فى محاكم القضاء المدنى، فعلق على ذلك اللواء مدحت قائلاً إن اختصاصنا محدود جداً. كما يتوافر لنا الوقت لنظر القضايا بسرعة دون تسرع نظراً لقلة القضايا المعروضة علينا. وأشار إلى أن العقوبة لها وظيفة هى ردع عام وردع خاص، وينبغى عند تحقيق العقوبة أن تكون هناك سرعة دون تسرع لتحقيق وظيفة العقوبة، ولذا نلتمس الأعذار للقضاء المدنى نظراً للكم الكبير الملقى على عاتق القضاء المدنى فى مختلف المجالات. لكن ليس معنى هذا أن القضاء المدنى لا يعمل من خلال ذلك المنظور، بل أن كل رجل قانون يعلم ذلك المفهوم، ويعمل قدر جهده على تحقيق القضايا وإنجازها بسرعة دون تسرع فى إتمام ما يسند إليه.

يجوز رد القاضى
ورداً على علامات الاستفهام التى تدور فى أذهان كثير ممن يجهلون طبيعة المحاكم العسكرية، خاصة فى مسألة إمكانية رد القاضى فى القضاء العسكرى أشار اللواء مدحت غزى إلى أن ذلك المفهوم معمول به بالفعل لدينا وأنه يجوز رد القاضى فى الحالات المنصوص عليها فى قانون الإجراءات الجنائية ويفصل فى طلب الرد.

لا يوجد مدنيون بالسجون العسكرية

وفيما يتعلق بما يردده كثيرون عن وجود أفراد من المدنيين ينفذون أحكاماً فى السجون العسكرية، نفى رئيس هيئة القضاء العسكرى ذلك بشدة، وقال إنه لا يوجد مدنيون فى أى سجن عسكرى وما يخالف ذلك لا يخرج عن كونه شائعات أثيرت فيما بعد ثورة 25 يناير، وأنه كرر أكثر من مرة حينما تواترت أنباء عن محاكمة 12 ألف مدنى أمام القضاء العسكرى عقب ثورة يناير أن الرقم صحيح، ولكن ذلك العدد جاء كنتيجة حتمية لطبيعة الظروف التى كانت تواجه البلاد فى تلك الفترة، خاصة أن الدولة كانت لا يوجد بها أى سلطات فى هذا التوقيت. فالشرطة تعرضت للهدم والمحاكم والنيابات قد حرقت، فكانت الساحة لا توجد بها إلاِّ القوات المسلحة، والقضاء العسكرى، والشرطة العسكرية، وبالتالى تلقينا بلاغات ممن واجهوا مشكلات فى هذا التوقيت، لأن من كانت لديه مشكلة كان يتقدم ببلاغه للقضاء العسكرى

أما من حوكم على جرائم السرقة والنهب والإتلاف والحرق وهتك العرض والاغتصاب فى هذه الفترة فقد حوكموا فعلاً أمام القضاء العسكرى وبلغ عددهم فى تلك الفترة 1071 متهما وجميعهم يقضى العقوبة المقررة فى السجون المدنية، حتى الحبس الاحتياطى الذى تأمر به النيابة العسكرية تجاه أى مدنى فهو ينفذ فى السجون المدنية أيضاً، ولا يوجد مطلقاً تنفيذ لأحكام ضد مدنيين فى السجون العسكرية، ولا يوجد أى مدنى فى السجون العسكرية.





المصدر الاهرام

تعليقات

المشاركات الشائعة