ست الستات

هل تحملين لقب «ست بيت» ؟ هذا اللقب الذى رفضته كثير من السيدات فى القرن الماضى ، واندفعن بحثا عن عمل أملا فى الحصول على لقب أمرأة عاملة مع ما يحمله هذا اللقب من استقلالية وتحقيق الذات وانفتاح على العالم الخارجى.. أما السنوات القليلة الماضية فقد شهدت سعادة فى كلمة «ست بيت» خاصة بين الشابات.


وهناك أسباب كثيرة لجلوس المرأة فى المنزل فقد يكون مجهودها البدنى قليلا، أوأن زوجها يشترط عدم عملها، أو ربما مؤهلاتها لا ترشحها لوظيفة مناسبة، ولكن هناك فئة قررت عدم العمل طواعية حيث ترى أن العمل مشقة فلماذا تتعب نفسها، والأفضل لها الجلوس بالمنزل، ويمر يومها ما بين «خروجات» مع صديقاتها على الافطار يوما، وعلى الغذاء يوما آخر، أو فى التسوق، أو الكوافير وتعتبر الفئة المدافعة عن حقوق المرأة أن عودة المرأة للمنزل يمثل نكسة بعد الحقوق التى اكتسبتها المرأة خلال السنوات الماضية ،أما صاحبات هذا الاتجاه فيرين أنه تفكير عملى، فلماذا تعمل وترهق نفسها وهى لا تحتاج إلى العائد المادى، وبالطبع هذا يتطلب أن تكون قادرة ماديا سواء كان الزوج هو العائل أو كانت تنفق من مالها الخاص.ولكن كيف يقضين وقتهن وهل يشعرن بالملل أم لا؟
دينا  يبدأ يومى فى الخامسة والنصف صباحا للاستعداد للمدرسة ثم بعد انصراف الأولاد أعد وجبة الغذاء ثم يبدأ يومى كامرأة «حرة نفسى « أهتم بنفسى ومظهرى سواء عند الكوافير أو أذهب للتسوق، وأخرج مع صديقاتى، وتنتهى حياة الحرية عند رجوع أبنائى من المدرسة حيث أعود أما من جديد للاهتمام بشئون أولادى من واجبات مدرسية وتمارين رياضية وغيرها، ولقد جربت العمل فى بداية حياتى ولكنى أحب أن أكون حرة نفسى ولا يتحكم فى أحد.»
أما ميرهان فلديها نفس الروتين اليومى الخاص بالأولاد صباحا ولكن بعد ذلك تجلس لتشاهد مسلسلها المفضل ثم تبدأ فى إنجاز المشاوير الخاصة بها وبالمنزل مثل شراء طلبات المنزل والبنك والواجبات العائلية وغيرها من المشاوير التى لا تنتهى، وإذا وجدت وقت فراغ فقد تخرج بمفردها للاسترخاء، وبعد عودة الأولاد يبدأ نفس روتين التمارين والواجبات، وتساعد زوجها أحيانا فى إنجاز بعض أعماله كما تساعد أولادها فى أداء واجباتهم أو إنجاز بعض المهام المطلوبة منهم فى المدرسة.
أنجى كانت تعمل لمدة 6 سنوات ثم توقفت لتغير ظروف عملها، وما زالت تبحث منذ فترة ولكنها لم تجد العمل المناسب لها حتى الآن، ومع ذلك فهى تستمتع بالجلوس فى المنزل ولا تشعر بأى ملل خاصة بعد أن أصبح أولادها معتمدين على أنفسهم، وعدم عملها لا يعنى جلوسها فى البيت ولكنها دائما ما تكون خارج المنزل صباحا لقضاء مشاوير أو بسبب التزامات عائلية تجاه والدتها، ولكنها تؤكد أنها لن تعمل إلا إذا وجدت العائد المادى المناسب الموازى لمجهودها وتركها للمنزل.
المرأة الفرنسية تفضل المنزل
ووفقا لدراسة أجراها المعهد القومى للإحصاء والدراسات الاقتصادية الفرنسى فإن نسبة النساء العاملات فى فرنسا قد تراجعت خلال العشرين عاما الماضية، فبعد أن كان عدد العاملات 3.5 مليونا فى عام 1991 أصبح 2.1 مليون فقط عام 2011 ، ويشير إلى السبب الرئيسى للكثيرات كان بسبب انتهاء عقود مؤقتة، ولكن الأسباب الشخصية كان لها دور أيضا بنسبة 21% من الأسباب..كلودين تصرح أنها سعيدة باختيارها لأنها ترى وتعيش ما لا تعيشه الأخريات، فهى ترى حياة أولادها لحظة بلحظة وتستمتع بهم وهم يكبرون..
المرأة تبنى مجتمعها
ترى د.هالة يسرى أستاذ علم الاجتماع وخبير الاستشارات الأسرية أن عمل المرأة لابد أن ينظر له النظرة الصحيحة، فالعمل ليس فقط من أجل المادة ولكنه يضيف لها أبعادا وجوانب رائعة فى شخصيتها لن تتحقق من جلوسها فى المنزل، فلا شك أن إحساسها بأن عملها مقدر وأنها تساهم فى مستقبل وطنها له متعة لا تقدر بثمن، وتضيف: أن المرأة كان لها دور فى بناء مجتمعها على مر العصور، فعلى المثال بعد تدمير ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية ، كان للمرأة الألمانية الدور الأعظم فى التقدم التكنولوجى والعلمى والمعرفى بالإضافة إلى البنية الأساسية، وهذا يعنى أن المرأة يقع على عاتقها بنيان الدولة ككل، فاحساس المرأة بانتمائها للوطن يدفعها للعمل، وهو ما دفع المرأة المصرية فى أوائل العشرينيات أن تترك المنزل وتشارك بالجهود التطوعية لإنشاء مستشفى مبرة الإسكندرية، وإن دل ذلك على شئ فيدل على إحساسها بمسئوليتها تجاه بناء مؤسسات الدولة ورعاية الفئات المحتاجة.
وتوجه كلمة لكل السيدات والفتيات اللاتى يتجهن للجلوس بالمنزل أن المجتمع يحتاج إلى مساهمتهن ،فلا يبخلن على غيرهن فى شتى المجالات، فهناك أعمال كثيرة فى انتظارهن، فهذه الفئة التى تعزف عن العمل لديها الكثير لتقدمه لمجتمعها الكبير والصغير، وليس المال فقط هو المقصود هنا ولكن تتمتع هذه الطبقة بمميزات أخرى مثل العلم والمعرفة والادراك والتوجهات الحسنة والسلوكيات القويمة والتى ستشعرهن بسعادة غامرة إذا أوصلوها لغيرهن.
من حقها أن تهتم بنفسها
أما د.نهى معروف عضو هيئة التدريس بالجامعة الأمريكية - قسم علم النفس فترجع هذا الاتجاه إلى عدة أسباب منها رغبة الشابات فى عدم تكرار ما عشن مع أهلهن حيث عانت كثير من الفتيات من عمل الأم وما تبعه من عدم اهتمام ورعاية كاملة، أو ربما لأنهن أيقن أنهن مطالبات بالقيام بكل الأدوار كاملة سواء فى العمل أو بعد العودة المنزل حيث أن الأم المصرية مطالبة بالقيام بدورها كاملا كزوجة وأم وأمراة عاملة. ولاتعتبر أن جلوس المرأة فى المنزل عيبا أو انتقاص من دورها خاصة إذا توفرت لها الإمكانيات المادية وخاصة مع نقص الأيدى العاملة المساعدة فى أعمال المنزل وعزوف كثير منهن عن هذه المهنة.
وتؤكد على أهمية أن تهتم المرأة بنفسها وهو حقها الأساسى ولابد أن نشجعها على ذلك، لأنه يعطيها طاقة إيجابية تساعدها على استكمال دورها مع الزوج والأبناء ولكن دون إفراط ، فهناك توجه آخر من بعض الشابات اللاتى يرفضن العمل والزواج باحثات عن الحرية فقط دون مسئولية من أى نوع وهى صورة مرفوضة.
وتوضح د.نهى أن المساواة بين الرجل والمرأة لا تعنى أن يلعبا نفس الأدوار ولكن من الممكن أن يلعبا أدوارا تكاملية من خلال تقسيم الأدوار، ولا يعتبر ذلك تراجع فى دور المرأة طالما أنها مثقفة ومتعلمة وملمة بشئون الحياة وتستفيد بوقتها فى ممارسة الرياضة أو أى أنشطة ثقافية أو فنية فى حين أن الرجل يؤدى دوره فى عمله ثم يصبح لهما وقتهما الخاص بعد نوم الأبناء.




المصدر الاهرام

تعليقات

المشاركات الشائعة