الفائدة السلبية تعرض العالم لأكبر كارثة اقتصادية




ايجى نيوز - تحقيقات و حوارات - egynews

إحصائية جديدة مثيرة للدهشة، تقول ان أكثر من 30% من جميع الديون الحكومية في منطقة اليورو – ويقدر مجموعها بنحو 2 ترليون يورو من الأوراق المالية – اصبح يتم تداولها بسعر فائدة سلبي ، فمع بدء البنك المركزي الأوروبي التيسير الكمي الذى بدأ قبل أربعة أشهر- والذى يعنى بدء طباعة الأموال واستخدامها لشراء السندات الحكومية- تحولت عائدات السندات السويسرية ذات 10 اعوام الى سندات ذات عائد سلبي للمرة الأولى فى التاريخ .و هو الامر الذى تضخم واصبح كالانهيار الجليدي الحقيقي لمعدلات الفائدة السلبية التى غمرت أسواق السندات الحكومية الأوروبية ، و في مطاردة جلية لما يبدو”أصول آمنة’ تخلى المستثمرين عن الحذر، وبشكل جماعي اصبحوا مصممين على دفع الحكومات نحو اقراضهم المزيد من القروض .و لكن ماذا يعنى ان عائدات السندات اصبحت سلبية ؟عندما تصبح الفوائد على مجموعة من الديون بالسالب، يعني خسارة للأموال التى تم اقراضها ، وهذه الديون في أغلبها سندات حكومية لدول مثل الدنمارك وسويسرا وألمانيا وسندات لشركات مثل نستله وشركة شل لكن لفترة قصيرة.. و عائدات هذه الديون لم تتحول الى السالب بعد حساب معدل التضخم كما يحدث مع ديون الحكومية الأمريكية، بل تحولت الى قيمة سالبة مطلقة تحد من الاصول المالية ، و هو امر كان يصعب تصديق حدوثه حتى فترة قريبة ، فقد كان من المعقول و المتصور ان تصبح الفوائد على القروض ” صفر” لكن ان تصبح ” سالبة” فهو امر جديد و يحمل معه خطر كبير على الاقتصاد العالمى . و معدل الفائدة السالب هو ناتج بسيط لعملية العرض والطلب ، فالسندات هي نوع من الدين القابل للبيع والشراء ، ومن يعرض بيع السند فهو يعرض بالتالي دفع الفائدة في المقابل للمشتري، و اذا كان هناك طلب كثير على الشراء فستقل قيمة الفائدة ، و إذا كان ما يزال هناك الكثير من الطلب على الشراء، فستتحول الفائدة الى السالب .وعلى أساس قطري، سنجد ان الإحصائيات أكثر اذهالا ، فوفقا لبنك الاستثمار “جيفريزJefferies” نحو 70% من جميع السندات الالمانية اصبحت الآن على العائد السلبي، و في فرنسا تبلغ النسبة 50% ، وحتى في إسبانيا، التي كان يعتقد على نطاق واسع انها دولة متعثرة قبل بضع سنوات تبلغ فيها النسبة 17% من اجمالى سنداتها الحكومية .و هذا الوضع ليس فقط ، انه لم يحدث من قبل على هذا النطاق، ولكنه يمثل تحولا نادرا صعب تصديقه و دفع الأزمة بمنطقة اليورو الى ذروتها حيث اصبحت بعض السندات الأوروبية المتداولة فى الاسواق تعكس إمكانية حقيقية للغاية للتخلف عن امكانية السداد.و بصرف النظر عن العلامات الطيبة لعودة الثقة الاقتصادية، فان الطريقة السريالية التى تدار بها الشئون المالية في الواقع تعكس ذلك تماما. فكيف وصل الحال إلى هنا، وماذا يعني ذلك بالنسبة للمستقبل؟ و أيا كانت الطريقة التي ستتحقق ، فالجواب على هذا السؤال ليس جيدا على الإطلاق.تاثير الفائدة السلبية على الاقتصاد العالمىان ما يجعل بيئة أسعار الفائدة السلبية اليوم مقلق جدا ، هو ان الطلب عليها يتزايد بشكل واسع النطاق في الاقتصاد العالمي، ويبدو مرة أخرى أن هذا يعتمد بالكامل تقريبا على ارتفاع مستويات الديون. كان من المفترض أن الأزمة المالية التى انفجرت مع فقاعة الائتمان ، ازمة ستمر مرة واحدة وإلى الأبد، ولكن هناك علامات على انها مازالت قائمة ، فقد ارتفعت المديونية العامة على الأسر والشركات ، وكذلك اصبح هناك توسع في الائتمان على نطاق أوسع، وحلت دول الأسواق الناشئة ببساطة محل الدول الغربية فى الازمة ، و ذهبت دعوة الاستيقاظ من الأزمة المالية أدراج الرياح إلى حد كبير.و بالنسبة لاقتصاديات دول مجموعة السبعة الكبار G7 ، نجد ان الدين العام لهذه الدول قد ازداد بما يقرب من 40 نقطة مئوية إلى ليصل الى حوالي 120% من الناتج المحلي الإجمالي منذ بداية الأزمة، بينما على الصعيد العالمي، ارتفع مجموع ديون القطاعات غير المالية الخاصة بنسبة 30% .و مع مرور الوقت ، اضطرت جميع البنوك المركزية الكبرى واحد تلو الآخر، الى طبع النقود. البداية كانت مع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الامريكى ثم تلاه بنك انجلترا في وقت لاحق ثم بنك اليابان ، وفي الآونة الأخيرة انضم البنك المركزي الأوروبي الى القافلة . حتى بنك الشعب الصينى يدرس الان الدعم النقدي “غير تقليدي” لشراء السندات.. الجميع يسعى للحفاظ على الامور على علاتها ، و هو ما اطلقت عليه مؤسسة “كريس وتلينج Chris Watling” للاستشارات الاقتصادية مصطلح ” فلسفة الطلب بأي ثمن” و هو ناتج عن الازمة الناجمة عن الكثير من الديون المعروضة للبيع .اسباب الازمة و نهايتها الصفريةوالعديد من الخبراء يؤكدون أن طباعة المزيد الاموال من جانب البنوك المركزية هى السبب الرئيسي لخلق بيئة أسعار الفائدة المنخفضة التى تحولت الى سالبة ، وهى وجهة نظر من الصعب الجدال بشانها ، لكن في الواقع الغرض كله منسياسات التيسير الكمى QE ، كان خفض العائد على السندات الحكومية إلى النقطة حيث يُجبر المستثمرين على البحث عن بدائل ذات المخاطر العالية.. و بالطبع كانت هناك عوامل اخرى ساهمت فى خلق هذه البيئة السالبة ، و منها “الضغط المالي” الذى اجبر البنوك و شركات التامين للبحث عن المزيد السندات ، مهما كان الثمن.التشوهات التي سببتها سياسات البنك المركزي الأوروبي بشراء سندات بنحو 60 مليار يورو شهريا ، كان لها اثر واضحا بشكل خاص على سندات الحكومة الألمانية، التى اصبحت واحدة من السندات أكثر رواجا ، فمع ظن البعض أن الاتحاد الأوروبي قد يتعرض للانهيار والتفكك، اصبح امتلاك سندات دولة غنية ومستقرة كألمانيا افضل بكثير من امتلاك سندات دولة فقيرة تواجه وضع سياسي غير معلوم العواقب كإسبانيا و اليونان و البرتغال . لذلك وبغض النظر عن الفوائد المدفوعة على السندات الإسبانية، فمعدل فوائد السندات الألمانية سيكون أقل بلا شك.كل هذا التدخل الرسمي ادى بلا شك الى العوائد السلبية و ما سينتج منها على نطاق أوسع في الاقتصاد العالمي ، يتزامن هذا مع التباطؤ المستمر في نمو الاقتصاد و الطلب والإنتاجية ، بل ان الامر يتعدى هذا الجانب الى جانب اخر اكثر اظلاما و هو ان الاسعار ترتفع عالميا خلال فترات التيسير الكمى فالاموال الرخيصة – بلا فوائد او بفوائد سلبية – تؤدى لارتفاع أسعار الأصول. لذا فان فقاعة سوق السندات ليست سوى نصف فالنصف الاخر من الازمة يرتبط بتسعير الاصول ومعظم الموجودات الأخرى بالنسبة للسندات، لذا فكل شيء آخر قد يرتفع كذلك. و لكن في نهاية المطاف، سيكون هناك تصحيح هائل، و فيه سيعانى الدائنين من خسائر كارثية .ولا أحد يستطيع أن يخبرك متى ستكون ذروة الازمة او متى ستنفجر فقاعة السندات ، فالازمة تتسع وسط تقاتل مرير بين الاقتصادات المختلفة ، و الطلب يتزايد و الاموال تتواصل طباعتها و هى فى النهاية لعبة غير مجدية محصلتها ” صفر” .




المصدر ايجى نيوز

تعليقات

المشاركات الشائعة