فوزية سلامة.. التى لا يعرفها أحد!


فوزية سلامة، صاحبة الإرادة الفولاذية والتي قاومت السرطان بكل قوة ولا تستسلم له. والتي لم يهزمها هذا الزائر المخيف رغم أنها توفيت بسببه
لكونها لم تجعله يفقدها أجمل ما فيها وهي روح التفاؤل التي كانت تتسم به شخصيتها.. منذ أكثر من ستة أشهر أخبرها الأطباء بأن أمامها ثلاثة أشهر فقط. وقابلت تلك المعلومة بروحها الشفافة وسخرت لها عقلها القادر علي تفهم الأمور والتعامل معها، وأصدرت لنفسها المعطاة أوامر بأن تعد من حولها للحظة الرحيل، فمنحت كل محبيها وأصدقائها طاقة الأمل والرضا التي بداخلها، وتمنت علي الله أن يبلغها رمضان، فمنحها ما تمنت وأكملت الشهر وزفت إلي السماء يوم العيد.. فوزية سلامة التي كان يراها الجميع علي شاشة «إم بى سى» في برنامج «كلام نواعم» لا يعرفها مشاهديها أن الوزن الذي فقدته في شهورها الأخيرة قابلته بمزيد من التفاؤل بأنها أصبحت أكثر رشاقة.. فوزية سلامة امتلكت شجاعة الإعلان عن إصابتها بسرطان البنكرياس، وخضعت برضا للعلاج الكيميائى في لندن للتخلص من هذا الداء الذي يعرف بالسرطان الصامت. واعتبرت سلامة أن الحظ حالفها لاكتشاف إصابتها به مبكراً مما سمح للأطباء، بإجراء لعملية جراحية لاستئصال عضو البنكرياس كاملاً لمنع تفشى الخلايا السرطانية في أعضاء أخرى في الجسم.وخضعت لجلسات مع العلاج الكيميائى الذي أثر سلبًا علي جهاز المناعة لديها، ولكنها قابلت كل ذلك بتفاؤل وكانت تقول: «من خضع لجراحة دامت سبع ساعات يمكنه أن يتحمل ستة أشهر من العلاج الكيميائى».. فوزية رحلت ولكنها تركت المئات من الحلقات التي تحتوى علي خبرتها الحياتية.. والآلاف من المقالات المهمة. وعدة كتب ورواية رائعة بعنوان الفراش الأبيض.. ولها ابنة وحيدة «عبلة».آخر ما كتبته صديقتي الرائعة فوزية سلامة كان نعياً لصلاح قبضايا.. الذي سبقها للرفيق الأعلى: «لو لم أكن زاملته وعرفته واحترمته وأكدت أنه كان ينصحني إنسانياً ومهنياً بصدق وبلا انتظار مقابل لما سالت دموعي مدراراً حين قرأت نبأ وفاته.توفاه الله ليلة الخميس الماضي ودفن في جمعة من أيام رمضان المباركة وإن دل هذا علي شيء فإنه يدل علي أن الدكتور صلاح قبضايا كان فيه خير كثير وإن الله ربي وربه أكرمه ونتمني أن يحسن استقباله لأن الله كتب علي نفسه الرحمة.لا أبالغ إن قلت إنني تعلمت منه الكثير عن إدارة العمل الصحفى، وفي فترة اعتبرها من أصعب فترات حياتي لم أجد في اقتراحاته وتطميناته إلا ما لازمني طويلاً حتي بعد أن فرقتنا ظروف العمل. ورغم ارتفاع قامته مهنياً وجسمانياً احتفظ دائماً بشىء من براءة الأطفال ورومانسية الشعراء. كان مضيافاً وشديد الوفاء والارتباط بزوجته نبيلة وابنته الوحيدة هبة التي تزوجت الدكتور شريف فهمي «الابن الذي لم ألده».كان معظم الزملاء يهابونه لأنه لم يكن يتهاون في العمل ولا يتوانى عن توقيع العقاب إن لزم الأمر.قد تنتهي الحياة علي الأرض ولكن تبقي الذكرى. أكرمك الله في الآخرة كما أكرمك في الدنيا. الفاتحة علي روح الدكتور صلاح قبضايا.وكتبت أيضاً إلى صديقة لها: «صديقتي الأمريكية التي زاملتني في دبلن في السبعينيات كانت تعتبرني مثلاً أعلي ولم أعرف إلي يومنا هذا لماذا. اليوم أرسلت لي رسالة ترجوني فيها أن تأتي من أمريكا لزيارتي فشعرت بفرح لمثل هذا الوفاء مقرون بجبن شديد لأنني لم أعد الفتاة المسكونة بالحركة وحب الحياة كما عرفتني ونحن طالبات يتطلعن إلي مستقبل طويل.أخبرتها بأنني لا أستطيع أن أرتب أجندة في الوقت الحالي لأن الصحة حبة فوق وحبة تحت حسب أغنية شعبية مصرية. وجاءني ردها بأنها متفهمة وبدلاً من إزعاجي بزيادة قد تكون أكثر من احتمالى سوف تذهب إلي دبلن حيث درسنا وحيث توجد مجموعة من الزملاء الذين يتذكروني بالخير وسوف يجتمعون لتبادل الذكريات عن فوزية المصرية التي كانت تبتسم مهما كانت الظروف، فاتفقوا علي تسميتها بالعنقاء.ورغم أوجاع الظهر والإحساس بالضعف الإنسانى قلت لنفسى: عنقاء؟ وقررت أن أرسل لها رسالة تصحيح فأنا علي أكثر تقدير نملة كتلك التي ذكرت في القرآن وحذرت أخواتها بأن أدخلن بيوتكن خوفاً من أن تدوسكن قدما سليمان. وقد سمعها نبي الله سليمان فابتسم.هناك الكثير أريد أن أكتبه وأقوله عن فوزية سلامة.. ولكن يمنعي أنني لا أستطيع إعطاءها قدرها.. رحمك الله يا زوز.





المصدر الوفد

تعليقات

المشاركات الشائعة