د. مصطفى الفقى يكتب: الإصلاح والثورة.. الصخب والضجيج يتيح أحيانا للقوى غير الإصلاحية مواجهة التغيير.. وأحيانا يحصد الرافضون للثورات ثمارها
تحكمنى نزعة «إصلاحية» تجعل نظرتى إلى «الثورة» أحيانًا مشوبة بشىءٍ من الخوف ونوعٍ من القلق، لأن «الثورة» فى النهاية هى انفعال غاضب وتمردٌ على أوضاع ظالمة قد تجتاح فى طريقها ما تريد أن تكتسحه، وذلك لأن لكل «ثورة» ضحايا قد تكون أفرادًا أو جماعاتٍ فئوية أو حتى طبقاتٍ اجتماعية، فالثورة كالعلاج الجراحى الباتر بينما الإصلاح هو علاجٌ بالعقاقير والأدوية «على البارد» ولكل من «الثورة» و«الإصلاح» دعاةٌ ومؤيدون بل ومتحمسون، لأن «الإصلاح» تفجير محسوب وفقًا لجدول زمنى محدد يقوم على التدرج ومراعاة الظروف المحيطة، أما «الثورة» فقد تكون عملاً فجائيًا يعصف بما يقف أمامه دون اعتبار للأوضاع القائمة أو المحاذير الموجودة، وقد تنطلق منها شعارات صارخة فيها من الصخب والضجيج ما يحجب الرؤية ويتيح لقوى «غير إصلاحية» بل وفئات «غير ثورية» أن تركب الموجة وأن تجنى ثمار «الثورة» وأن تحصد ما تريد، وليس خافيًا أن «الثورة» و«الإصلاح» تتفقان فى شىء مشترك وهو إزالة «النظام القديم» وإطلاق مسميات سلبية على مقومات وجوده البالية فبينما نتائج «الإصلاح» أكثر ضمانًا ولكنها أبطأ وجودًا فإن نتائج «الثورة» أقل ضمانًا ولكنها أكثر تأثيرًا.
إن «الإصلاح» و«الثورة» مدرستان فى التغيير تقفان على أرضية واحدة وهى ضرورة الاتجاه نحو الأفضل وكلاهما يرفض الأوضاع القائمة ولكن «الثورة» قد تصل بالحدة بينما تقبل فلسفة «الإصلاح» درجة من المرونة، أن العلاقة بينهما فى تاريخنا الحديث تبدو كالعلاقة بين «سعد زغلول» و«عدلى يكن» أمام قضية الاستقلال، «فثوار سعد» يرفعون شعار «لا مفاوضات إلا بعد الجلاء» و«العدليون» يتساءلون «وما قيمة المفاوضات وما هى ضرورتها إذا تم الجلاء؟» وكلاهما مدرسة فى الوطنية لا يمكن التشكيك فيها أو تشويه صورتها!
المصدر اليوم السابع
تعليقات
إرسال تعليق